(شَهِيدًا فِي سَبيلِ اللهِ) قيل: في غزوة إرمينية في خلافة عمر - رضي الله عنه -، وقيل غير
ذلك، كما تقدَّم بيانه. (وَييهِ)، أي: وفي حديث هشام بن عروة، فهو عطف
على قوله المتقدّم: "وفيه ولقد دخل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... إلخ"، (أَيْضًا مِنَ
الزِّيَادَةَ) قوله: (وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُو ابِهِ)؛ أي: بهذا الإفك، فالموصول خبر
مقدّم لـ "كان"، واسمها: "مسطح إلخ"، ويجوز العكس. (مِسْطَح) بكسر الميم،
وسكون السين المهملة، ابن أُثاثة بضمّ الهمزة، (وَحَمْنَةُ) بفتح الحاء المهملة،
وسكون الميم ابنة جحش أخت زينب أم المؤمنين، (وَحَسَّانُ) بن ثابت؛ أي:
فهؤلاء هم الذين تكلّموا بالإفك مع المنافقين، (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ
فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ)؛ أي: يستخرجه بالبحث، والمسألةِ، ثم يُفشيه،
ويُشيعه، ويُحَرِّكه، ولا يدعه يَخْمَد (?).
(وَيَجْمَعُهُ) إلى ما عنده من البهتان، (وَهُوَ)؛ أي: عبد الله بن أُبيّ، مبتدأ
خبره قولها: (الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) بضم الكاف، وكسرها لغتان، فصيحتان،
مشهورتان، وذكرهما في هذا الحديث القاضي عياض، وغيره، لكنهم رَجّحوا
الضم، وقرئ قول الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11] بكسر الكاف،
وضمّها، الكسر قراءة القراء السبعة، والضم في الشواذّ، قال الإمام أبو إسحاق
الثعلبيّ المفسر - رَحِمَهُ اللهُ -: قراءة العامة بالكسر، وقراءة حميد الأعرج، ويعقوب
الحضرميّ بالضم، قال أبو عمرو بن العلاء: هو خطأ، وقال الكسائيّ: هما
لغتان، ذكره النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقولها: (وَحِمْنَةُ) بالرفع عَطْف على فاعل تولّي، وجاز لفصله بالمفعول،
كما تقدّم غير مرّة.
[تنبيه]: رواية هشام بن عروة عن أبيه هذه لساقها الترمذيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في
"جامعه"، فقال:
(3180) - حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، حَدَّثَنَا أبو أسامة، عن هشام بن
عروة"، أخبرني أبي، عن عائشة، قالت: لَمّا ذُكر من شأني الذي ذُكر، وما
علمت به، قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطيبًا، فتشهد، وحَمِد الله، وأثنى عليه بما