وقوله: (وَسَاقَ)؛ أي: هشام بن عروة (الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ) الماضية،
وستأتي في التنبيه - إن شاء الله تعالى -.
(وَفِيهِ)؛ أي: في جملة ما ذُكر في الحديث قول عائشة - رضي الله عنها -: (وَلَقَدْ دَخَلَ
رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتِي، فَسَأَل جَارِيَتِي) هي بريرة - رضي الله عنها -، كما تقدّم بيانه. (فَقَالَتْ)
معطوف على مقدَّر؛ أي: فسألها عن شأني، فقالت: (والله مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا)؛
أي: على عائشة - رضي الله عنها - (عَيْبًا، إِلَّا أنَهَا كَانَتْ تَرْقُدُ) من باب قعد؛ أي: تنام (حَتَّى
تَدْخُالَ الشَّاةُ) هي الداجن التي مرّ ذكرها، (فَتَأْكُلَ) تلك الشاة (عَجِينَهَا)؛ أي:
العجين الذي فيه يدها؛ لاستغراقها في نومها، وقوله: (أَوْ) للشكّ من الراوي،
هل قالت: "عجينها"، أو (قَالَتْ: خَمِيرَهَا) ثم بيّن الشاكّ في هذا، فقال:
(شَكَّ هِشَامٌ)؛ أي: ابن عروة. (فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ) هو عليّ بن أبي
طالب - رضي الله عنه - (?)، ومراده أن تحدّث النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصدق، ولا تكذب عليه، لا أنه
يريد إلحاق الضرر بها، ولهذا سكت عليه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ) ذلك البعض: (اصْدُقِي)؛ أي: حدِّثي بالصدق (رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ). قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في جميع نُسخ بلادنا:
"أسقطوا لها به" بالباء التي هي حرف الجرّ، وبِهاء ضمير المذكر، وكذا نقله
القاضي عن رواية الْجُلُوديّ، قال: وفي رواية ابن ماهان: "لهاتها" بالتاء المثناة
فوقُ، قال الجمهور: هذا غلطٌ، وتصحيفٌ، والصواب الأول"، ومعناه:
صرحوا لها بالأمر، ولهذا قالت: "سبحان الله"؛ استعظامًا لذلك، وقيل: أتوا
بسقط من القول في سؤالها، وانتهارها، يقال: أسقط، وسقط في كلامه: إذا
أتى فيه بساقط، وقيل: إذا أخطأ فيه، وعلى رواية ابن ماهان إن صحّت
معناها: أسكتوها، وهذا ضعيف؛ لأنَّها لَمْ تسكت، بل قالت: "سبحان الله،
والله ما علمت عليها إلَّا ما يعلم الصائغ على تِبْر الذهب"، وهي القطعة
الخالصة. انتهى (?).
(فَقَالَتْ) الجارية تعجّبًا، واستبعادًا لتشدّدهم في الأمر: (سُبْحَانَ اللهِ، والله