أيضًا؛ أي: من قول أهل الإفك، (وَ) الحال أني (مَا) نافيهَ، (عَلِمْتُ بِهِ)؛ أي:
بالذي ذُكر، وقولها: (قَامَ) جواب "لَمّا"، (رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) حال كونه (خَطِيبًا)،
ثمّ فسّرت خطبته بقولها: (فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللهَ) - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - (وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُةُ) من
أوصاف الكمال، (ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ) هكذا هذه الرواية بحذف
الفاء من جواب "أمّا"، وهو جائز كثير إذا حُذف مع القول، وإن كان دونه كان
قليلًا، كما قال في "الخلاصة":
"أَمَّا" كَـ "مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيْءٍ" وَفَا ... لِتِلْوِ تِلْهَا وُجُوبًا أُلِفَا
وَحَذْفُ ذِي الْفَا قَلَّ فِي نَثْرٍ إِذَا ... لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبذَا
وقولها: (فِي أُنَاسٍ) تقدّم قريبا أنه بضمّ الهمزة لغة في ناس، وقيل: بل
لغتان بمعنى واحد، وليس أحدهما مشتقًّا من الآخر، وهذا القول هو
الراجح (?). (أَبَنُوا أَهْلِي) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: بباء موحّدة مفتوحة، مخففة،
ومشددة، رووه هنا بالوجهين: التخفيف أشهر، ومعناه: اتّهموها، والأَبْنُ بفتح
الهمزة، يقال: أبنه يَابُنُه، وَيأبِنُهُ، بضم الباء، وكسرها، من بابي نصر،
وضرب: إذا اتّهمه، ورماه بخَلَّة سوء، فهو مأبون، قالوا: وهو مشتقّ من
الأُبَن، بضم الهمزة، وفتح الباء، وهي الْعُقَد في القسيّ، تُفسدها، وتُعاب بها.
انتهى (?).
(وَايْمُ اللهِ) مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا، كما قال في "الخلاصة":
.......................... .................. وَفِي نَصِّ يَمِينٍ ذَا اسْتَقَرّ
أي: قَسَمي، (مَا) نافية، (عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ) "من" زائدة
للتوكيد؛ أي: سوءًا (قَطُّ)؛ أي: فيما مضى من الوقت، (وَأَبْنُوهُمْ)؛ أي:
اتهموهم (بِمَنْ)؛ أي: بالذي، أو بشخص، وقوله: (والله) معترضة بين
الموصول وصلته، للتأكيد، (مَا) نافية أيضًا، (عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ) وهو
صفوان بن الْمُعَطَّل - رضي الله عنه -، (وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَ) الحال، (أَنَا حَاضِرٌ)؛ أي:
موجود في البيت، (وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلّا غَابَ مَعِي") هذا كلّه غاية في نزاهة
صفوان - رضي الله عنه - عن الفواحش، وبُعده عن الرذائل القبيحة الشنيعة التي رموه بها.