وقال ابن بطال (?): يَحْتَمِل أن يكون من قولهم: سقط إلى الخبر: إذا
علمه، قال الشاعر:
إِذُا هُنَّ سَاقَطْنَ الْحَدِيثَ وَقُلْنَ لِي ................................
قال: فمعناه: ذكروا لها الحديث، وشرحوه (?).
(قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ) - رضي الله عنها -: (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ) نافية؛ أي: ما (رَأَيْتُ
عَلَيْهَا)؛ أي: على عائشة - رضي الله عنها -، (أَمْرًا)؛ أي: مما تسألون عنه شيئًا أصلًا، وأما
من غيره ففيها ما ذكرت من غلبة النوم؛ لصغر سنّها، ورطوبة بدنها. (قَطُّ)؛
أي: فيما مضى من الزمن، (أَغْمِصُهُ) بفتح الغين المعجمة، وكسر الصاد
المهملة، وفتحها، من باب ضرب، وسَمِعَ، وفَرِح، يقال: غَمِصَهُ، غمصًا،
احتقره، وعابه، كاغتمصه، قاله المجد (?)؛ أي: أعيبه (عَلَيْهَا)؛ أي: على
عائشة - رضي الله عنها - (أَكثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي
الدَّاجِنُ) بدال مهملة، ثم جيم: الشاة التي تألف البيت، ولا تخرج إلى
المرعي، وقيل: هي كلّ ما يألف البيوت مطلقًا، شاة، أو طيرًا، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
ومعنى هذا الكلام: أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلًا، ولا فيها شيء
من غيره، إلَّا نومها عن العجين (فَتَأْكُلُهُ) الداجن، وفي رواية ابن إسحاق: "ما
كنت أعيب عليها إلَّا أني كنت أعجن عجيني، وأَمرها أن تحفظه، فتنام عنه"،
وفي رواية مِقسم: "ما رأيت منها مذ كنت عندها، إلَّا أني عجنت عجينًا لي،
فقلت: احفظي هذه العجينة، حتى أقتبس نارًا؛ لأخبزها، فغفلت، فجاءت
الشاة، فأكلتها"، وهو يفسّر المراد بقوله في رواية الباب: "حتى تأتي
الداجن".
قال ابن المنير في "الحاشية": هذا من الاستثناء البديع الذي يراد به
المبالغة في نفي العيب، فغفلتها عن عجينها أبعد لها من مثل الذي رُميت به،
وأقرب إلى أن تكون من الغافلات المؤمنات، وكذا في قولها في رواية هشام بن
عروة: "ما علمت إلَّا ما يعلم الصائغ على المذهب الأحمر"؛ أي: كما لا يعلم