قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد الحافظ في هذا التعقّب، فإن تغليط

الحفّاظ مع إمكان الحمل المذكور ليس له وجه، فتأمله بالإمعان، والله تعالى

أعلم.

(فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("أَيْ بَرِيرَةُ) "أيْ" حرف نداء، وتقدّم الخلاف فيها، هل هي

للبعيد، أم للقريب، أو للوسط؟ (هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيءٍ) "من" زائدة، و"شيء"

مفعول به لـ "رأيت"، وقوله: (يَرِيبُكِ) تقدّم أنه بفتح حرف المضارعة، وضمّه،

صفة لـ "شيء"؛ أي: يشكّكك فيما قاله أهل الإفك (مِنْ عَائِشَةَ؟ ") - رضي الله عنها -، ولفظ

البخاريّ: "أي بريرةُ، هل رأيت من شيء يريبك؟ "، وفي رواية هشام بن

عروة: "فانتهرها بعض أصحابه، فقال: اصدقي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، وفي رواية

أبي أويس: "أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعليّ: شأنك بالجارية، فسألها عليّ، وتوعدها،

فلم تخبره إلَّا بخير، ثم ضربها، وسألها، فقالت: والله ما علمت على عائشة

سوءًا"، وفي رواية ابن إسحاق: "فقام إليها عليّ، فضربها ضربًا شديدًا، يقول:

اصدقي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، ووقع في رواية هشام: "حتى أسقطوا لها به"، يقال:

أسقط الرجل في القول: إذا أتى بكلام ساقط، والضمير في قوله: "به"

للىيث، أو الرجل الذي اتهموها به.

وحَكَى عياض أن في رواية ابن ماهان في مسلم: "حتى أسقطوا لهاتها"

بمث، ة مفتوحة، وزيادة ألف بعد الهاء، قال: وهو تصحيف؛ لأنهم لو أسقطوا

لهاتها، لَمْ تستطع الكلام، والواقع أنَّها تكلصت، فقالت: سبحان الله إلخ، وفي

رواية حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عند الطبرانيّ: "فقال: لست عن هذا

أسالك، قالت: نعمة، فلما فَطِنت قالت: سبحان الله"، وهذا يدلّ على أنَّ المراد

بقوله في الرواية: داحتى أسقطوا لها به" حتى صرّحوا لها بالأمر، فلهذا تعجبت.

وقال ابن الجوزيّ (?): "أسقطوا لها به"، أي: صرحوا لها بالأمر، وقيل:

جاؤوا في خطابها بسقط من القول.

ووقع في رواية الطبريّ من طريق أبي أسامة: "قال عروة: فجيبَ ذلك

علامن قاله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015