حديث ابن عمر: "وكان إذا أراد أن يستشير أحدًا في أمر أهله، لَمْ يَعْدُ عليًّا
وأُسامة"، لكن وقع في رواية الحسن العربي (?) عن ابن عباس، عند الطبرانيّ
أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استشار زيد بن ثابت، فقال: دعها، فلعل الله يُحدث لك فيها أمرًا،
قال الحافظ: وأظنّ في قوله: ابن ثابت تغيير، وأنه كان في الأصل ابن حارثة،
وفي رواية الواقديّ: أنه سأل أم أيمن، فبرّأتها، وأم أيمن هي والدة أسامة بن
زيد، وسيأتي أنه سأل زينب بنت جحش أيضًا.
(حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوحْئ)؛ أي: أبطأ، وتأخّر، ولم ينزل، قاله في
"العمدة" (?)، وقال في "الفتح": قوله: "حين استلبث الوحيُ" بالرفع، أي: طال
لُبث نزوله، وبالنصب، أي: أستبطأ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزوله. انتهى (?).
والمراد من الوحي: هو المتعلّق بشأن عائشة - رضي الله عنها -، لا مطلق الوحي،
والله اتعالى أعلم.
وقوله: (يَسْتَشِيرُهُمَا) جملة حاليّة مقدّرة، وهو من الاستشارة، يقال:
شَاوَرْتُهُ في كذا، واسْتَشَرْتُهُ: راجعته لأرى رأيه فيه، فَأَشَارَ عليّ بكذا: أراني ما
عنده فيه من المصلحة، فكانت إِشَارَ حسنةً، والاسم المَشُورَةُ، وفيها لغتان:
سكون الشين، وفتح الواو، والثانية: ضمّ الشين، وسكون الواو، وزان، مَعُونةٍ
ويقال: هي من شَارَ الدابةَ: إذا عَرَضها في الْمِشْوَار، ويقال: من شُرْتُ
العسل، شبّه حُسن النصيحة بشرب العسل، قاله الفيّوميّ (?).
(فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ)، أي: عائشة، وإنما عَدَلت عن قولها: "في فراقي" إلى
قولها: "فراق أهله"؛ لكراهتها التصريح بإضافة الفراق إليها. (قَالَتْ) عائشة:
(فَامَّا أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ، فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالَّذِي يَعْلَمُ)؛ أي: بما يعلمه من
حال عائشة - رضي الله عنها -، وهو براءتها عن الفواحش والرذائل، وقولها: (مِنْ بَرَاءَةِ
أَهْلِهِا) بيان للموصول، (وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ)، أي: لأهل النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
(مِنَ الْوُدِّ)؛ أي: من محبّته لهم، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ أَهْلُكَ) هكذا رواية