وزعم بعضهم أن "ما" مع هذا الأفعال مصدرّية، لا كافّة. انتهى (?).
وعلى هذا فالفعل بعدها صلتها، وهي في تأويل المصدر فاعل "قَلَّ".
وقال الأمير في "حاشيته" ما معناه: وزاد بعضهم على هذه الأفعال:
"قَصُرَ"، قال: وهي أفعال لا فاعل لها؛ كالتوكيد اللفظيّ، في: قام قام زيد،
وكان الزائدةِ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت ذلك بقولي:
وَ"مَا" تَكُفُّ "طَالَ" "قَلَّ" "كَثُرَا" ... وَبَعْضُهُمْ زَادَ عَلَيْهَا "قَصُرَا"
وَلَا يَلِي الْفَاعِلُ هَذ كَمَا ... فِي قَامَ قَامَ إِذْ مُؤَكِّدًا سَمَا
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ "مَا" مُؤَوِّلَهْ ... فَمَعَ مَا يَلِي تَكُونُ فَاعِلَهْ
(وَضِيئَةٌ) بوزن عظيمة، من الوضأءة، وهو الحُسن والجمال؛ أي: حسنة
جميلة، وكانت عائشة كذلك، ووقع في رواية بن ماهان: "حَظِيّة" بمهملة، ثم
معجمة، من الحظوة، وهي الوجاهة، ورفعة المنزلة، وفي رواية هشام: "ما
كانت امرأة حسناء"، (عِنْدَ رَجُلٍ) خبر "كان"، (يُحِبُّهَا) نعت لـ "رجل" وقوله:
(وَلَهَا ضَرَائِرُ) جملة في محلّ نصب على الحال، و"الضرائر": جمع ضَرّة، وقيل
للزوجات: ضرائر؛ لأنَّ كلّ واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى بالغيرة.
(إِلَّا كَثَّرْنَ)؛ أي: الضرائر، (عَلَيْهَا)؛ أي: أكثرن القول بالنقيصة والعيب
لتلك المرأة الوضيئة، وقال في "الفتح": "أكثرن عليها" في رواية الكشميهنيّ:
"كَثّرن" بالتشديد؛ أي: القول في عيبها، وفي رواية ابن حاطب: "لقلما أحبّ
رجلٌ امرأته، إلَّا قالوا لها نحو ذلك"، وفي رواية هشام: "إلَّا حسدنها، وقيل
فيها"، وفي هذا الكلام من فطنة أمها، وحسن تأتّيها في تربيتها ما لا مزيد
عليه، فإنها عَلِمت أن ذلك يعظم عليها، فهَوَّنت عليها الأمر بإعلامها بأنها لَمْ
تنفرد بذلك؛ لأنَّ المرء يتأسى بغيره فيما يقع له، وأدمجت في ذلك ما تُطَيّب به
خاطرها من أنَّها فائقة في الجمال، والحظوة، وذلك مما يُعجب المرأة أن
توصف به، مع ما فيه من الإشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش، وأن