حتى تعرفه، ووقع في رواية أبي أويس: "إلَّا أنه يقول، وهو مارّ: كيف تيكم؟
ولا يدخل عندي، ولا يعودني، ويسأل عني أهل البيت"، وفي حديث ابن
عمم: "وكنت أرى منه جفوة، ولا أدري من أي شيء؟ ".
(فَذَاكَ) الذي أراه منه (يَرِيبُنِي)؛ أي: يوقعني في الشكّ في تغيّر حاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
(وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ)، أي: بالإفك الذي افتراه الأفّاكون، وانتشر بين الناس،
وتحدّثوا به، (حَتَّى خَرَجْتُ) من البيت (بَعْدَمَا نَقِهْتُ) بفتح القاف، وكسرها
لغتان، حكاهما الجوهريّ في "الصحاح" وغيره، والفتح أشهر، واقتصر عليه
جماعة، يقال: نَقَهَ يَنْقَه نُقُوهًا، فهو ناقِة، ككَلَح يَكْلَح كُلُوحًا فهو كالح، ونَقِهَ
يَنْقَا، نَقَهًا، فهو ناقه، كفَرِح يَفْرَح فَرَحًا، والجمع نُقَّهٌ، بضم النون، وبتشديد
القاف، والناقه هو الذي أفاق من المرض، وبرأ منه، وهو قريب عهد به، لَمْ
يتراجع إليه كمال صحته، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال في "الفتح": "نقهت" بفتح القاف، وقد تكسر، والأول أشهر،
والناقه بكسر القاف: الذي أفاق من مرضه، ولم تتكامل صحته، وقيل: إن
الذي بكسر القاف بمعنى: فَهِمْت، لكنه هنا لا يتوجه؛ لأنَّها ما فَهِمَت ذلك،
إلَّا فيما بعدُ، وقد أطلق الجوهريّ وغيره أنه بفتح القاف وكسرها لغتان، في
برأ من المرض، وهو قريب العهد لَمْ يرجع إليه كمال صحته. انتهى (?).
(وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ) وفي رواية أبي أويس: "فقلت: يا أم مسطح
خذي الإداوة، فاملئيها ماء، فاذهبي بنا إلى المناصع". (قِبَلَ الْمَنَاصِعِ) بكسر
القاف؛ أي: جهة المناصع، بفتح الميم، وهي مواضع خارج المدينة، كانوا
يتبرزون فيها، الواحد منصع، وقال الأزهريّ: أراه موضعًا بعينه، خارج
المدينة، وهو في الحديث: "صعيد أفيح، خارج المدينة"، وقال ابن السِّكِّيت:
المناصع في اللغة: المجالس. انتهى (?).
وقوله: (وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا) جملة حاليّة، وهو بفتح الرإء المشدّدة، وبالزاي،
وهو الموضع الذي يتبرزون فيه؛ أي: يقضون فيه حاجتهم، والبراز اسم ذلك