الحجاب، وهو سهو، والصواب بعد نزول الحجاب، فليُصْلَح هناك. انتهى
كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو تحقيقٌ نفيس جدّا، والله تعالى أعلم.
(فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ، حِينَ عَرَفَنِي)؛ أي: بقوله: "إنا لله، وإنا إليه
راجعون"، وصرّح بها ابن إسحاق في روايته، وكأنه شقّ عليه ما جرى
لعائشة - رضي الله عنها -، أو خشي أن يقع ما وقع، أو أنه اكتَفَى بالاسترجاع رافعًا به صوته
عن مخاطبتها بكلام آخر؛ صيانةً لها عن المخاطبة في الجملة، وقد كان
عمر - رضي الله عنه - يستعمل التكبير عند إرادة الإيقاظ، وفيه دلالة على فطنة صفوان - رضي الله عنه -،
وحُسن أدبه.
(فَخَمَّرْتُ)؛ أي: غطّيت (وَجْهِي بِجِلْبَابِي)؛ أي: الثوب الذي كان عليها،
قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهَ -: الجِلْبَابُ: ثوب أوسع من الخمار، ودون الرداء، وقال ابن
فارس: الجِلْبَابُ: ما يُغَطَّى به، من ثوب، وغيره، والجمع: الجَلابِيبُ،
وتَجلْبَبَتِ المرأةُ: لبست الجِلْبَابَ. انتهى (?).
(وَوالله مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً) عَبّرت بهذه الصيغة؛ إشارةً إلى أنه استمرّ منه
تَرْك المخاطبة؛ لئلا يُفهَم لو عَبّرت بصيغة الماضي اختصاص النفي بحال
الاستيقاظ، فعبَّرت بصيغة المضارعة. (وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ)؛
أي: قوله: إنا لله، وإنا إليه راجعون، (حَتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ) وفي رواية
الكشميهنيّ: "حين أناخ راحلته"، ووقع في رواية فُليح: "حتى" للأصيليّ
و"حين" للباقين، وكذا عند مسلم عن معمر، وعلى التقديرين فليس فيه نفي أنه
كلمها بغير الاسترجاع، لأنَّ النفي على رواية: "حين" مقيد بحال إناخة
الراحلة، فلا يمنع ما قبل الإناخة، ولا ما بعدها، وعلى رواية: "حتى"،
معناها: بجميع حالاته إلى أن أناخ، ولا يمنع ما بعد الإناخة، وقد فَهِم كثير
من الشراح أنَّها أرادت بهذه العبارة نفي المكالمة البتة، فقالوا: استعمل معها
الصمت اكتفاء بقرائن الحال مبالغة منه في الأدب، وإعظامًا لها،
وإجلالًا. انتهى.
وقد وقع في رواية ابن إسحاق أنه قال لها: "ما خلَّفك؟ "، وأنه قال لها: