حديث الإفك: إن صفوان قال: والله ما كشفت كنف أنثى قط، وقد أورد هذا

الإشكال قديمًا البخاريّ، ومال إلى تضعيف الحديث أبو سعيد بذلك. انتهى.

والحاصل: أن الجمع المذكور لا يصحّ، فتأمّله بالإنصاف، ولا تكن

أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

(فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي)؛ أي: مكاني الذي نزلت فيه في تلك الليلة، (فَرَأَى

سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ) السواد بلفظ ضدّ البياض يُطلق على الشخص أيَّ شخص كان،

فكأنها قالت: رأى شخص آدميّ، لكن لا يظهر أهو رجل، أو امرأة؟ (فَأَتَانِي،

فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي) هذا يُشعر بأن وجهها انكشف لمّا نامت؛ لأنه تقدّم أنَّها

تلفّفت بجلبابها، ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية

وجهها. (وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ) بالبناء للمفعول، (الْحِجَابُ عَلَيَّ)؛

أي: وعلى غيرها من النساء، ولفظ البخاريّ: "وكان يراني قبل الحجاب"؛

أي: قبل نزول آية الحجاب، وهذا يدلّ على قِدَم إسلام صفوان، فإن الحجاب

كان في قول أبي عبيدة، وطائفة: في ذي القعدة سنة ثلاث، وعند آخرين: فيها

سنة أربع، وصححه الدمياطي، وقيل: بل كان فيها سنة خمس، وهذا مما

تناقض فيه الواقديّ، فإنه ذكر أن المريسيع كان في شعبان سنة خمس، وأن

الخندق كانت في شوال منها، وأن الحجاب كان في ذي القعدة منها، مع

روايته حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا، وتصريحها فيه بأن قصة الإفك التي وقعت في

المريسيع كانت بعد الحجاب، وسَلِم من هذا ابن إسحاق، فإن المريسيع عنده

في شعبان، لكن سنة ست، وسَلِم الواقديّ من التناقض في قصة سعد بن معاذ

الآتي ذكرها، نعم وسَلِم منها ابن إسحاق، فإنه لَمْ يذكر سعد بن معاذ في

القصة أصلًا، كما سأبيّنه، ومما يؤيد صحة ما وقع في هذا الحديث أن

الحجاب كان قبل قصة الإفك قول عائشة - رضي الله عنها - أيضًا في هذا الحديث أن

النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأل زينب بنت جحش عنها، وفيه: وهي التي كانت تساميني من

أزواج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه: وطفِقت أختها حَمْنة تحارب لها، فكل ذلك دالّ على

أن زينب كانت حينئذ زوجته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا خلاف أن آيه الحجاب نزلت حين

دخوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها، فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك، قال الحافظ: وقد

كنت أمليت في أوائل "كتاب الوضوء" أن قصة الإفك وقعت قبل نزول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015