تأخر صفوان، ولفظه: "سأل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجعله على الساقة، فكان إذا رحل

الناس قام يصلي، ثم اتّبعهم، فمن سقط له شيء أتاه به"، وفي حديث أبي

هريرة: "وكان صفوان يتخلف عن الناس، فيصيب القدح، والجراب،

والإداوة"، وفي مرسل مقاتل بن حيان: "فيحمله، فيَقْدَم به، فيُعَرِّفه في

أصحابه"، وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه.

(فَادَّلَجَ) بتشديد الدال، وهو سَيْر آخر الليل.

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "فأدلج"، قال في "الفتح": "أدلج"

بسكون الدال في روايتنا، وهو كـ"ادّلج" بتشديدها، وقيل: بالسكون: سار من

أوله، وبالتشديد: سار من آخره، وعلى هذا فيكون الذي هنا بالتشديد؛ لأنه

كان في آخر الليل، وكأنه تأخر في مكانه حتى قَرُب الصبح، فركب ليظهر له ما

يسقط من الجيش، مما يخفيه الليل، ويَحْتِمِل أن يكون سبب تأخيره ما جرت

به عادته من غلبة النوم عليه، ففي "سنن أبي داود"، والبزار، وابن سعد،

وصحيحه ابن حبان، والحاكم من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي

سعيد: "أن امرأة صفوان بن المعطَّل جاءت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا

رسول الله، إن زوجي يضربني إذا صليت، ويُفَطِّرني إذا صمت، ولا يصلي

صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، قال: وصفوان عنده، فسأله، فقال: أما

قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ سورتين، وقد نهيتها عنها، وأما قولها:

يفطرني إذا صمت، فأنا رجل شابّ، لا أصبر، وأما قولها: إني لا أصلي حتى

تطلع الشمس ... " الحديث.

قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقةٌ،

فدلّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي أصل. انتهى.

قال الحافظ: وما أعله به ليس بقادح؛ لأنَّ ابن سعد صرّح في روايته

بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح، وأما رجاله فرجال الصحيح، ولَمّا أخرجه

أبو داود قال بعده: رواه حماد بن سلمة، عن حميد، عن ثابت، عن أبي

المتوكل، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذه متابعة جيّدة، تُؤْذِن بأن للحديث أصلًا، وغفل

من جعل هذه الطريقة الثانية علّة للطريق الأُولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015