المعتذرين بالباطل، فقال: {فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} كما هو مطلوبهم مساعدةً لهم،

{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} وإذا كان هذا هو ما يريده الله سبحانه

من عدم الرضا على هؤلاء الفسقة العصاة، فينبغي لكم أيها المؤمنون أن لا

تفعلوا خلاف ذلك، بل واجب عليكم أن لا ترضوا عنهم، على أن رضاكم

عنهم لو وقع لكان غير معتدّ به، ولا مفيد لهم، والمقصود من إخبار الله

سبحانه بعدم رضاه عنهم، نهي المؤمنين عن ذلك؛ لأن الرضا على من لا

يَرضَى الله عليه مما لا يفعله مؤمن. انتهى (?).

(قَالَ كَعْبٌ) -رضي الله عنه-: (كُنَّا خُلِّفْنَا) بالبناء للمفعول؛ أي: أُخّر أمر توبتنا،

ولفظ البخاريّ: "تخلّفنا"، أخصّ (أَيَّهَا الثَّلَاثَةُ)؛ يعني: نفسه، ومُرارة،

وهلالًا -رضي الله عنهم-، فـ "أيّ" في محلّ نصب بعامل محذوف مبنيّ على الضمّ، لِشَبهها

بالحرف شبهًا افتقاريًّا، وكانت حركتها ضمّة؛ لشَبَهها بأسماء الغايات، كقبلُ

وبعدُ، و"ها" حرف تنبيه زِيد تعويضًا عما فات "أيّ" من الإضافة، و"الثلاثة"

صفة "أيّ" تبعه باللفظ (?)؛ أي: أُخّر، وأُرجئ أمر توبتنا معاشر الثلاثة (عَنْ

أَمْرِ أُولَئِكَ) المنافقين (الَّذِينَ قَبِلَ) بكسر الموحّدة، (مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-)

اعتذارهم (حِينَ حَلَفُوا لَهُ) على أن تخلّفهم كان لعذر (فَبَايَعَهُمْ)؛ أي: جدّد

مبايعتهم لنصرة الإسلام، والجهاد في سبيل الله -عز وجل-، (وَاسْتَغفرَ لَهُمْ)؛ أي:

طلب من الله تعالى أن يغفر لهم ما سلف من التخلّف، (وَأَرْجَأَ) بالجيم

والهمزة، أي: أخّر (رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- أَمْرَنَا) معاشر الثلاثة (حَتَّى قَضَى اللهُ) -سبحانة وتعالي-،

أي: حكم (فِيهِ)؛ أي: في أمرنا، فتاب علينا، (فَبِذَلِكَ)؛ أي: بسبب بيان

أمرنا (قَالَ اللهُ -عز وجل-: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118])؛ أي: ولقد

تاب الله على الثلاثة الذين خُلّفوا، أي: أُخّر أمر توبتهم، قال كعب -رضي الله عنه- مبيّنًا

معنى "خلّفوا": (وَلَيْسَ) الأمر (الَّذِي ذكَرَ اللهُ) -سبحانة وتعالي- في هذه الآية هي: (مِمَّا

خُلِّفْنَا) بالبناء للمفعول، أي: من تخليفنا، وهو بيان لـ "ما"، (تَخَلُّفَنَا) بالنصب

على أنه خبر "ليس"، (عَنِ الْغَزْوِ) متعلّق بما قبله، (وَإِنَّمَا هُوَ)؛ أي: تخليفنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015