الرَّحِيمُ} [التوبة: 118]، وعبَّر بالظن في قوله: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا
إِلَيْهِ} [التوبة: 118] عن العلم، أي: عَلِموا أن لا ملجأ يلجؤون إليه قط، إلا
إلى الله -سبحانة وتعالي- بالتوبة، والاستغفار، وقوله: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة:
118]؛ أي: رجع عليهم بالقبول والرحمة، وأنزل في القرآن التوبة عليهم؛
ليستقيموا، أو وَفّقهم للتوبة فيما يُستقبل من الزمان، إن فَرَطت منهم خطيئة،
ليتوبوا عنها، ويرجعوا إلى الله فيها، ويندموا على ما وقع منهم. {إِنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ} [التوبة: 118] أي: الكثير القبول لتوبة التائبين، {الرَّحِيمُ}؛ أي:
الكثير الرحمة لمن طلبها من عباده.
وقوله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِي} هذا الأمر بالكون مع الصادقين بعد
قصة الثلاثة فيه الإشارة إلى أن هؤلاء الثلاثة حصل لهم بالصدق ما حصل من
توبة الله تعالى، وظاهر الآية الأمر للعباد على العموم (?).
(قَالَ كعْبٌ) -رضي الله عنه: (والله مَا أنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ إِذْ هَدَانِي اللهُ
لِلِإسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهُ -صلى الله عليه وسلم-) بنصب "رسول" مفعولاً به
لـ"صدقي"؛ لأنه يعمل عَمَل فِعله، كما قال في "الخلاصة":
بفِعْلِهِ الْمَصْدَرَ أَلْحِقْ فِي الْعَمَلْ ... مُضَافًا اوْ مُجَرَّدًا أَوْ مَعَ "أَلْ"
إِنْ كَانَ فِعْلٌ مَعَ "أَنْ" أَوْ "مَا" يَحُلّ ... مَحَلَّهُ وَلاسْمِ مَصْدَرٍ عَمَلْ
(أَنْ لَا كُونَ كَذَبْتُهُ) قال النوويّ -رحمه الله-: هكذا هو في جميع نُسخ مسلم،
وكثبر من روايات البخاريّ، قال العلماء: لفظة "لا" (?) في قوله: "أن لا أكون"
زائدة، ومعناه: أن أكون كذبته؛ كقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}
[الأعراف: 12].انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله- بعد ذكر ما ذكره النوويّ: وقد رواه الأصيليّ عن
البخاريّ: "إلا أن أكون كذبته"، وليست بشيء، والأول هو الصواب (?).