والبشاشة التي صدرت له منه، ومعناه: أن تلك الفَعْلة أكّدت في قلبه محبّته،

وألزمته حُرمته، حتى عدّها من الأيادي الجسيمة، والمِنن العظيمة. انتهى (?).

(قَالَ كَعْبٌ) -رضي الله عنه- (فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-، ولفظ

البخاريّ: "قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- " (وَهُوَ)، أي: والحال أنه -صلى الله عليه وسلم- (يَبْرُقُ) من باب

نصر؛ أي: يلمع، ويضيء (وَجْهُهُ) -صلى الله عليه وسلم- (مِنَ السُّرُورِ)، أي: من شدّة استبشاره،

وفرحه بتوبة الله تعالى على كعب، وصاحبيه، وقوله: (وَيَقُولُ: ) هكذا النسخ،

والظاهر أنه مؤكّد لـ "قال" الماضي، ولفظ البخاريّ: "قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وهو

يبرق وجهه من السرور: أبشر ... " وليس فيه "يقول"، وهو الأصح، فتنبّه.

("أَبْشِرْ) بقطع الهمزة، (بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أمّكَ") قال النوويّ -رحمه الله-:

معناه: سوى يوم إسلامك، وإنما لم يستثنه، لأنه معلوم لا بدّ منه. انتهى.

وقال في "الفتح": استُشكل هذا الإطلاق بيوم إسلامه، فإنه مرّ عليه بعد

أن ولدته أمه، وهو خير أيامه، فقيل: هو مستثنى تقديرًا، وإن لم ينطق به؛

لعدم خفائه، والأحسن في الجواب أن يوم توبته مُكمل ليوم إسلامه، فيوم

إسلامه بداية سعادته، ويوم توبته مكمل لها، فهو خير جميع أيامه، وإن كان

يوم إسلامه خيرها، فيوم توبته المضاف إلى إسلامه خير من يوم إسلامه المجرد

عنها، والله أعلم. انتهى.

(قَالَ) كعب: (فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ)؛ أي: أهذه البشارة من

عندك (أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ ) -سبحانة وتعالي- (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("لَا)؛ أي: ليست من عندي، (بَلْ) هي

(مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ ") -سبحانة وتعالي-، زاد في رواية ابن أبي شيبة: "إنكم صَدَقتم اللهَ، فَصَدَقكم".

قال كعب -رضي الله عنه-: (وَكانَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- إِذَا سُرَّ) بالبناء للمفعول؛ أي: إذا

حصل له الفرح والسرور (اسْتَنَارَ)؛ أي: أضاء (وَجْهُهُ) الشريف، (كَأَنَّ

وَجْهَهُ) -صلى الله عليه وسلم- (قِطْعَةُ قَمَرٍ) وفي رواية إسحاق بن راشد: "حتى كأنه قطعة من

القمر"، قال الحافظ: ويسأل عن السرّ في التقييد بالقطعة، مع كثرة ما ورد في

كلام البلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير تقييد، وقد تقدّم في صفة النبيّ -صلي الله عليه وسلم-

تشبيههم له بالشمس طالعةً، وغير ذلك، وكان كعب بن مالك قائلُ هذا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015