إذا كانت دينية، فإنه إظهار السرور بما يُسَرّ به أخوه المسلم، وإظهار المحبة،
وتصفية القلب بالمودة، قاله القرطبيّ -رحمه الله-.
(حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ)؛ أي: فما زال الناس يهنئوني إلى أن دخلت
المسجد النبويّ، وقوله: (فَإِذَا) هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني (رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-
جَالِسن فِي الْمَسْجِدِ) النبويّ، (وَ) الحال أن (حَوْلَهُ) -صلى الله عليه وسلم- (النَّاسُ)؛ أي:
الصحابة -رضي الله عنهم-، (فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ) بن عثمان بن عمرو بن كعب بن
سعد بن تيم بن مُرّة التيميّ، أبو محمد المدنيّ، أحد العشرة المبشّرين بالجنّة،
الصحابيّ المشهور، استُشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثلاث
وستين سنةً، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" 2/ 109.
حال كونه (يُهَرْوِلُ)؛ أي: يُسرع، يقال: هَرْول هَرْولةً: أسرع في مشيه
دون الْخَبَب، ولهذا يقال: هو بين المشي والْعَدْو، وجعل جماعة الواو أصلًا،
قال، الفيّوميّ -رحمه الله- (1). (حَتَّى صَافَحَنِي)، أي: أفضى بيده إلى يدي، (وَهَنَّأَنِي)؛
أي: قال لي: لتهنئك التوبة.
قال النوويّ -رحمه الله-: فيه استحباب مصافحة القادم، والقيام له، إكرامًا،
والهرولة إلى لقائه بشاشةً، وفرحًا. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: فيه دليلٌ لمن قال بجواز القيام للدّاخل،
والمصافحة، وقد بيّنّا الخلاف في ذلك في "الجهاد".
قال كعب: (والله مَا قَامَ) للتهنئة (رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ)؛ أي:
طلحة، قالوا: سبب ذلك أن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- كان آخى بينه وبين طلحة لَمّا آخى بين
المهاجرين والأنصار، والذي ذكره أهل المغازي أنه كان أخا الزبير، لكن كان
الزبير أخا طلحة في إخوة المهاجرين، فهو أخو أخيه، قاله في "الفتح" (?).
(قَالَ) الراوي عن كعب، وهو ولده عبد الله: (فَكَانَ كعْبٌ لَا يَنْسَاهَا)،
أي: لا ينسى تلك الفعلة، وهي قيامه، وهرولته إليه، ومصافحته، وتهنئته،
(لِطَلْحَةَ) وقال القرطبيّ -رحمه الله-: "كان لا ينساها لطلحة"؛ أي: تلك القومة،