وتأمّمه أيضًا: قَصَده. انتهى (?). (رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-) حال كوني (يَتَلَقَّانِي النَّاسُ)؛
أي: يستقبلوني في الطريق (فَوْجًا فَوْجًا)؛ أي: جماعة جماعة، حال كونهم
(يُهَنِّئُونِي) بنون واحدة، أصله: يهنّئونني بنونين إحداهما: نون الرفعِ، والثانية
نون الوقاية، فحُذفت إحداهما، وهي نون الرفع على الأصحّ، تخفيفًا، وقوله:
(بِالتَّوْبَةِ) متعلّق بما قبله، (وَيَقُولُونَ: ) في صيغة التهنئة، (لِتَهْنِئْكَ) بكسر النون،
وزعم ابن التين أنه بفتحها، بل قال السفاقسيّ: إنه أصوب، لأنه مِن يهنأ، وفيه
نظر، قاله في "الفتح" (?).
وقال المرتضى -رحمه الله-: والتَّهْنِئَةُ: خلافُ التَّعْزِيَةِ، تقول: هَنَّأَهُ بالأَمرِ،
والوِلايَةِ، تَهْنِئَةً، وتَهْنيئًا، وهَنَأَهُ هَنْأً: إِذا قال له: ليَهْنِئْكَ، والعربُ تقول:
ليَهْنِئْكَ الفارِسُ، بجزم الهمزة، وليَهْنيك الفارِسُ بياء ساكنةٍ، ولا يجوز:
ليَهْنِك، كما تقول العامَّة؛ أي: لأنَّ الياء بدل من الهمزة، قال: وقد ورد في
"صحيح البُخاريّ" في حديث توبَةِ كَعْب بن مالكٍ: يقولون: ليَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ
عليك، ضَبَطه الحافظُ ابنُ حَجَرٍ بكسرَ النون، وزعم ابنُ التين أنَّه بفتحها،
وصوَّبه البَرماويّ، ونَظَّره الزَّرْكَشِيّ، فراجع في شرح الحافظ العسقَلانيّ
رحمه الله تعالى. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: وهَنُؤَ الشّيءُ بالضم، مع الهمز هَنَاءَةً بالفتح، والمدّ:
تيسَّر من غير مشقة، ولا عناء، فهو هَنِيٌّ، ويجوز الإبدال، والإدغام، وهَنَأَنِي
الولدُ يَهْنَؤُنِي مهموزٌ، من بابَي نفع، وضرب، وتقول العرب في الدعاء: لِيَهْنِئْكَ
الولدُ بهمزة ساكنة، وبإبدالها ياءً، وحذفُها عاميّ، ومعناه: سَرَّني، فهو هَانِئٌ،
وبه سُمّي، وهَنَاتُهُ هَنْئًا باللغتين: أعطيته، أو أطعمته، وهَنَأَنِي الطعامُ يَهْنَؤُنِي:
ساغ، ولذّ، وأكلته هَنِيئًا مَرِيئًا؛ أي: بلا مشقة، وَيهْنُؤ بضم المضارع في الكل
لغةٌ، قال بعضهم: وليس في الكلام يَفْعُل بالضم مهموزًا، مما ماضيه بالفتح،
غير هذا الفعل، وهَنَّأتُهُ بالولد بالتثقيل، وبِاسم المفعول سُمّي. انتهى (?).
(تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ) فيه دليل على جواز التهنئة بأمور الخير، بل على نَدْبيّتها