ثلاث لغات، لكن باب تعب أردؤها، قاله الفيّوميّ (?). (لَنَا) معاشر الثلاثة،
(خَمْسُونَ لَيْلَةً، مِنْ حِينَ) بالبناء على الفتح؛ لإضافته إلى مبنيّ، ويجوز إعرابه
بالجرّ، والباء أرجح، وروي بالوجهين قول الشاعر [من الطويل]:
عَلَى حِينِ عَاتَبْت الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... فَقُلْتُ أَلَمَّا أَصْخ وَالشَّيْبُ وَازعُ
وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك -رحمه الله- في "الخلاصة" حيث قال:
وَابْنِ اوَ اعْرِبْ مَا كَـ"إِذْ" قَدْ أُجْرِيَا ... وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوِّ فِعْلٍ بُنِيَا
وَقَبْلَ فِعْلٍ مُعْرَب أَوْ مُبْتَدَا ... أَعْرِبْ وَمَنْ بَنَى فَلَنْ يُفَنَّدَا
(ئُهِيَ) بالبناء للمفعًول، ونائب الفاعل قوله: (عَنْ كَلَامِنَا) ولفظ البخاريّ:
"من حين نهى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- عن كلامنا". (قَالَ) كعب: (ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ
الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ)؛ أي: سطح (بَيْتٍ مِنْ بُيُوينَا) الظاهر أنه
لم يتمكّن من الصلاة في المسجد لعذر ما، وإلا فقد سبق أنه قال: "فكنت
أخرفي، فأشهد الصلاة". (فَبَيْنَا أنا جَالِسٌ) تقدّم الكلام على "بينا"، و"بينما" غير
مرّة، فلا تغفل. (عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ -عز وجل- مِنَّا) في كتابه العزيز، وهو
إشارة إلى قوله -عز وجل- {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة: 118].
ثم شرح مضمون الآية بقوله: (قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ)، أي: وعلى صاحبيّ (نَفْسِي)
وأنفسهما، (وَضَاقَتْ عَلَيَّ) وعليهما (الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) "ما" مصدريّة، و"رحبت"
صِلتها؛ أي: مع رَحَبها، وسَعَتها، وقال القرطبيّ -رحمه الله-؛ أي: بما اتسعت؛ ومعناه:
ضاقت عليّ الأرض مع أنها متسعة، والرحب: السعة. انتهى (?).
وهذا تمثيل للحيرة في أمره، كأنه لم يجد فيها مكانًا يفرّ إليه، قلقًا،
وجزعًا، وإذا كان هؤلاء لم يأكلوا مالًا حرامًا، ولا سفكوا دمًا حرامًا، ولا
أفسدوا في الأرض، وأصابهم ما أصابهم، فكيف بمن واقع الفواحش
والكبائر، قاله القسطلاني (?).