[تنبيه]: "يقربنّك" هنا بفتحِ أوله وثالثه، يقال: قَرِبتُ الأمرَ أقربه، من
باب تَعِبَ، وفي لغة من باب نصَرَ قِربانًا بالكسر: إذا فعلته، أو دانيته،
ومن الأول قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32]، ومن الثاني
قولهم: لا تقرب الحمى؛ أي: لا تَدْنُ منه، فهو متعدّ بنفسه، وأما قَرُب
من الشيءِ من باب كَرُم، فهو يتعدّى بـ "من"، وما هنا من الأول، فتنبّه،
والله تعالى أعلم.
(فَقَالًتْ) المرأة: (إِنَّهُ)؛ أي: هلالًا، وَيحْتَمل أن يكون الهاء ضمير
شأن، والجملة بعده تفسيره. (والله مَا بهِ حًرَكَةٌ)، أي: تحرّك، واشتهاء (إِلَى
شَيءٍ) من النساء، (وَوالله مَا زَالَ يًبْكِي مُنْذُ كًانَ مِنْ أَمْرِهٍ مَا كَانَ) من هجران
الناس له؛ أي: من ابتداء مدّة ذلك الأمر (إِلَى يًوْمهٍ هَذَا) الذي أتيتك في شأنه
الآن. (قَالَ) كعب: (فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلي) قال الحافظ: لم أقف على اسمه،
واستُشكل هذا مع نهي النبيّ -صلي الله عليه وسلم- عن كلام الثلاثة.
وأجيب: بأنه يَحْتَمِل أن يكون عَبَّر عن الإشارة بالقول، وقيل: لعله بعض
ولده، أو من النساء، ولم يقع النهي عن كلام الثلاثة للنساء اللاتي في بيوتهم،
أو الذي كلّمه بذلك كان منافقًا، أو كان ممن يخدمه، ولم يدخل في النهي.
انتهى (?).
(لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- فِي امْرَأَتِكَ)؛ أي: في خدمتها، (فًقَدْ أَذِنَ)
الفاء تعليليّة؛ أي: لأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أَذِنَ (لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، قَالَ)
كعب: (فَقُلْتُ: لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا) في خدمتها (رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-، وَمَا يُدْرِينِى) بضم
أوله؛ أي: ما يُعلمني (مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللهٍ -صلى الله عليه وسلم-) لي (إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا)؛ أي:
في خدمتها، هل يردّ علي بالرضا، كما ردّ هلال، أم بالغضب والسخط؟ (وَ)
الحال (أنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ ) قويّ قادر على خدمة نفسي، أو خائف على نفسي من
حِدّة الشباب أن أصيب امرأتي، وقد نُهيت عنها. (قَالَ) كعب: (فَلَبِثْتُ)؛ أي:
مكثت (بذَلِكَ) الحال، من هجران الناس لنا، ومفارقة أهلي (عَشْرَ لَيَالٍ،
فَكَمُلَ) بفتح الميم، وضمّها، وكسرها، من أبواب قَرُبَ، وضرب، وتَعِب