الحائط خارجًا"، (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ) "إذا" فجائيّة،
رابطة لجواب "بينا"؛ أي: ففاجأني حضور نبطيّ (مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ) قال
القرطبيّ -رحمه الله-: "النبطيّ": واحد النبط، وهم العامرون لتلك الأراضي، وسُمّوا
بذلك؛ لأنهم ينبطون المياه؛ أي: يستخرجونها. انتهى (?).
وقال النوويّ -رحمه الله-: يقال: النبط، والأنباط، والنبيط، وهم فلّاحو
العجم. انتهى (?).
وقال في "الفتح": "النبطيّ": بفتح النون، والموحّدة: نسبة إلى استنباط
الماء، واستخراجه، وهؤلاء كانوا في ذلك الوقت أهل الفِلاحة، وهذا النبطيّ
الشاميّ كان نصرانيًّا، كما وقع في رواية معمر: "إذا نصرانيّ جاء بطعام له
يبيعه"، قال الحافظ: ولم أقف على اسم هذا النصرانيّ، ويقال: إن النبط
يُنسبون إلى نَبَط بن هانب بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح. انتهى (?).
(مِمَّنْ قَدِمَ) بكسر الدال، (بِالطَّعَامِ)، وقوله: (يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ) جملة
حاليّة من الفاعل، (يَقُولُ: مَنْ) استفهاميّة مبتدأ، خبره قوله: (يَدُلُّـ) ــني (عَلَى
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ ، قَالَ) كعب: (فَطَفِقَ النَّاسُ)؛ أي: شرعوا (يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ)،
أي: بأن هذا الشخص هو كعب بن مالك، (حَتَّى جَاءَنِي)، أي: ذلك النبطيّ
(فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ) بفتح الغين المعجمة، وسين مهملة ثقيلة، هو
جَبَلة بن الأيهم، جزم بذلك ابن عائذ، وعند الواقديّ: الحارث بن أبي شَمِر،
ويقال: جبلة بن الأيهم، وكان ملِكًا لنصارى العرب، له عهد وصداقة مع
نصارى الروم، وفي رواية ابن مردويه: "فكتب إليّ كتابًا في سَرَقَة من حرير" (?).
قال كعب: (وَكُنْتُ كَاتِبًا)؛ أي: عارفًا بقراءة المكتوب، (فَقَرَأْتُهُ)؛ أي:
قرأت ذلك الكتاب، (فَإِذَا فِيهِ) "إذا" هي الفجائيّة، أي: ففاجأني وجود ما
يلي: (أمّا بَعْدُ) هي من الظروف المبنيّة على الضمّ؛ لِقَطعها عن الإضافة، ونيّة
معناها؛ أي: أما بعد كذا، (فَإِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الذي تفسّره الجملة