بعده، وهي قوله: (قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ) يريد النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، (قَدْ جَفَاكَ)؛ أي:
هجرك، (وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ)؛ أي: ذلّ، وصَغار، (وَلَا مَضْيَعَةٍ) بفتح
الىيم، وسكون الضاد المعجمة، وكسرها أيضًا لغتان؛ أي: حيث يضيعِ
حقّك، وعند ابن عائذ: "فإن لك مُتَحَوَّلًا" بالمهملة، وفتح الواو؛ أي: مكانًا
تتحول إليه، (فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ) قال النوويّ: وفي بعض النُّسخ: "نواسيك"
بزيادة ياء، وهو صحيح؛ أي: ونحن نواسيك، وقطعه عن جواب الأمر،
ومعناه: نشاركك فيما عندنا. انتهى.
وقال في "الفتح": "نواسك"- بضم النون، وكسر المهملة- من
المواساة، وزاد في رواية ابن أبي شيبة: "في أموالنا، فقلت: إنا لله قد طَمِع
فيّ أهل الكفر"، ونحوه لابن مردويه. (قَالَ) كعب: (فَقُلْتُ حِينَ قَرَأتُهَا: )؛
أي: تلك الرسالة، أو الصحيفة، (وَهَذ أَيْضًا) مثل هجران المسلمين، (مِنَ
الْبَلَاءِ)؛ أي: من جملة اختبار الله تعالى إياك، (فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ) قال
النوريّ: هكذا هو في جميع النُّسخ ببلادنا، وهي لغة في "تيممت"، ومعناها:
قصدت. انتهى (?).
و"التّنُّور" بفتح التاء المثنّاة، وتشديد النون: الذي يُخبز فيه، وافقت فيه
لغة العرب لغة العجم، وقال أبو حاتم: ليس بعربيّ صحيح، والجمع: تنانير،
قاله الفيّوميّ (?).
وقال المرتضى: التَّنُّورُ: نَوع من الكَوانِينِ، وفي "الصّحاح": التَّنُّورُ:
الكانُونُ الذي يُخْبَزُ فيه، يقال: هو في جميع اللُّغَاتِ كذلك، وقال اللَّيْثُ:
التَّنُّورُ عَمَّتْ بكل لسانٍ، قال أبو منصور: وهذا يَدُلّ على أنّ الاسمَ في الأَصل
أعْجَمِيٌّ، فعَرَّبَتْهَا العربُ، فصار عربيًّا، على بناءِ فَعُّولٍ، والدَّلِيلُ على ذلك أنّ
أصلَ، بنائِه تَنَرَ، قال: ولا نعرفُه في كلام العرب؛ لأنه مُهْمَلٌ، وهو نَظِيرُ ما
دَخَلَ في كلامِ العربِ من كلامِ العَجَمِ، مثلُ الَدِّيباجِ، والدِّينارِ، والسّنْدُسِ،
والإسْتَبْرَقِ، وما أشبَهها، ولمّا تكلَّمتْ بها العربُ صارت عربيَّةً. انتهى (?).