سَلِمة، وليس هو ابن عمه أخي أبيه الأقرب. (فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوالله مَا رَدَّ عَلَئ

السَّلَامَ) لعموم النهي عن كلامهم، وفيه أنه لا يُسَلَّم على المبتدعة، ونحوهم،

وفيه أن السلام كلام، وأن من حلف لا يكلِّم إنسانًا، فسلّم عليه، أو ردّ عليه

السلام حَنِث (?).

(فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللهِ) بفتح الهمزة، وضم الشين، من باب

نصر، أي أسألك بالله، وأصله من النشيد، وهو: رفع الصوت بالشعر

وغيره (?). (هَلْ تَعْلَمَنَّ أنَّي أُحِبُّ اللهَ) -سبحانة وتعالي- (وَرَسُولَهُ؟ ) -صلى الله عليه وسلم- (قَالَ) كعب:

(فَسَكَتَ) أبو قتادة؛ أي: لم يردّ عليه شيئًا، (فَعُدْتُ)، أي: لمقالتي (فَنَاشَدْتُهُ)؛

أي: قلت له: أنشدك بالله" إلخ (فَسَكَتَ، فَعُدْتُ، فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَ) أبو قتادة: (اللهُ

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) قال في "الفتح": ليس هو تكليمًا لكعب؛ لأنه لم ينو به ذلك،

كما سيأتي تقريره.

وقال القاضي عياض: لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه؛ لأنه منهيّ عن

كلامه، وإنما قال ذلك لنفسه لَمّا ناشده الله، فقال أبو قتادة مظهرًا لاعتقاده، لا

ليُسمعه، ولو حلف رجل لا يكلم رجلًا، فسأله عن شيء، فقال: الله أعلم

يريد إسماعه وجوابه حَنِث. انتهى.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: ظاهره أنه أجابه عند إلحاحه عليه بالسؤال، فيكون

قد كلّمه، فيكون مخالفًا للنهي، وقد يُؤوّل بأن أبا قتادة قال ذلك لنفسه، مخبرًا

عن اعتقاده، ولم يقصد كلامه، ولا إسماعه.

قال: وَيحْتَمل أن يقال: إن أبا قتادة فَهِم أن الكلام الذي نُهي عنه، إنما

هو الحديث معه، والمباسطة، وإفادة المعاني، فأمَّا مثل هذا الكلام الذي

يقتضي الإبعاد، والمنافرة، فلا -والله أعلم- ألا ترى أنه لم يردّ عليه السلام،

ولا التفت لحديثه؟ . انتهى (?).

قال كعبٌ: (فَفَاضَتْ)، أي: سالت (عَيْنَايَ) دموعًا، (وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى

تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ) وفي رواية معمر: "فلم أملك نفسي أن بكيت، ثم اقتحمت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015