في دعواهم ذلك؛ ليصدّقهم في دعواهم الباطل، (وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا)
ذكر الواقديّ أن هذا العدد كان من منافقي الأنصار، وأن المعذِّرين من الأعراب
كانوا أيضًا اثنين وثمانين رجلًا، من بني غفار، وغيرهم، وأن عبد الله بن أُبَيّ،
ومن أطاعه من قومه، كانوا من غير هؤلاء، وكانوا عددًا كثيرًا.
[تنبيه]: قال الفيّوميّ -رحمه الله-: البِضْعُ في العدد بالكسر، وبعض العرب
يفتح، واستعماله من الثلاثة إلى التسعة، وعن ثعلب من الأربعة إلى التسعة،
يستوي فيه المذكر والمؤنث، فيقال: بِضْعُ رجال، وبِضْعُ نسوة، ويُستعمل أيضًا
من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر، لكن تثبت الهاء في بِضْعٍ مع المذكر، وتُحذف
مع المؤنث؛ كالنيِّف، ولا يُستعمل فيما زاد على العشرين، وأجازه بعض
المشايخ، فيقول: بِضْعَة وعشرون رجلًا، وبِضْعٌ وعشرون امرأة، وهكذا قاله
أبو زيد، وقالوا على هذا معنى البِضْعِ، والبِضْعَةِ في العدد قطعةٌ مبهمةٌ غير
محدودة. انتهى كلام الفيّوميّ (?).
وقال المجد -رحمه الله-: "البضع" بالكسر، ويُفْتَحُ: الطائِفةُ من الليلِ، وما بينَ
الثَّلاثِ إلى التِسْعِ، أو إلى الخَمْسِ، أو ما بين الواحِدِ إلى الأَرْبَعَةِ، أو مِن
أرْبَع إلى تِسْعٍ، أو هو سَبْع، وإذا جاوَزْتَ لَفْظَ العَشْرِ ذَهَبَ البِضْعُ، لا يقالُ:
بِضْع وعِشْرونَ، أو يقالُ ذلك، وقال الفَرَّاءُ: لا يُذْكَرُ مَعَ العَشَرَةِ، والعِشْرينَ،
إلى التِّسْعينَ، ولا يقالُ: بِضْمعٌ ومِئَةٌ، ولا ألْفٌ، وقال مَبْرَمَانُ: البِضْعُ: ما بينَ
العَقْدَيْنِ من واحِدٍ إلى عَشَرَةٍ، ومِنْ أحَدَ عَشَرَ إلى عِشْرينَ، ومع المُذَكَّرِ بِهاءٍ،
ومعَهَا بغيرِ هاءٍ، بِضْعَة وعِشْرُونَ رجُلًا، وبِضْعٌ وعِشْرونَ امرأةً، ولا يُعْكَسُ، أو
البِضْعُ: غيرُ مَعْدودٍ؛ لأَنَّهُ بمعنَى القِطْعَةِ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن بضعة، وبضعًا له حُكم ثلاثة وثلاث، قال
في "شرح الكافية الشافية": لبضعة وبضع حُكم تسعة، وتسع في الإفراد والتركيب،
وعطف عشرين وأخواته عليه، نحو: لبثت بضعة أعوام، وبضع سنين، وعندي
بضعة عشر غلامًا، وبضع عشرة أمةً، وبضحة وعشرون كتابًا، وبضع وعشرون
صحيفةً، ويراد ببضع: من ثلاث إلى تسع، وببضعة: من ثلاثة إلى تسعة. انتهى.