الفيّوميّ -رحمه الله- (?)؛ والمعنى: أنه عزم أن لا يتكلّم عند رسول الله -صلي الله عليه وسلم- إلا

بالصدق، فإنه الذي يُنجيه يوم القيامة.

وفي رواية ابن أبي شيبة: "وعرفت أنه لا ينجيني منه إلا الصدق".

(وَصَبَّحَ)؛ أي: أتى صباحًا، أو بمعنى صار، ولفظ البخاريّ: "وأصبح"

وهو بمعناه، قال المجد -رحمه الله-: أصبح: دخل في الصباح، وبمعنى صار،

وصبّحهم: أتاهم صباحًا، كصَبَحهم بالتخفيف، كمنعهم. انتهى بتصرّف (?).

(رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَادِمًا) المعنى: أتى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قادمًا صباحًا، أو صار قادمًا

صباحًا، (وَكانَ) -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: كان هديه (إِذَا قَدِمَ) بكسر الدال المهملة؛ أي: أتى

(مِزْا سَفَرِ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ) النبويّ قبل دخوله منزله (فَرَكَعَ فِيهِ)؛ أي: صلّى في

المسجدَ (رَكْعَتَيْنِ) تحيّة المسجد، وفي رواية أحمد من طريق ابن جريج، عن

ابن شهاب: "لا يَقْدَم من سفر إلا في الضحى، فيبدأ بالمسجد، فيصلي فيه

ركعتين، ويقعد"، وفي رواية ابن أبي شيبة: "ثم يدخل على أهله"، وفي حديث

أبي ثعلبة عند الحاكم، والطبرانيّ: "كان إذا قَدِم من سفر بدأ بالمسجد، فصلى

فيه ركعتين، ثم يَثني بفاطمة، ثم يأتي أزواجه"، وفي لفظ: "ثم بدأ ببيت

فاطمة، ثم أتى بيوت نسائه". (ثُمَّ جَلَسَ) في المسجد "لِلنَّاسِ"؛ أي: لأجل أن

يسلّم عليه أصحابه؛ لِغَيبته عن المدينة هذه المدّة.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: إنما كان -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك؛ ليبدأ بتعظيم بيت الله -عز وجل-

قبل بيته، وليقوم بشكر نعمة الله تعالى عليه في سلامته، وليسلّم عليه الناس،

وليَسُنّ ذلك في شرعه -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (?).

(فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ)؛ أي: البدء بالمسجد، وصلاة ركعتين فيه، ثم الجلوس

للناس، (جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ) بتشديد اللام، اسم مفعول من خُلِّف؛ أي: أُخّر؛

أي: الذين خلّفهم النفاق، ومرض القلب عن الخروج مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- للغزو،

(فَطَفقُوا) بكسر الفاء، وتُفتح؛ أي: شرعوا، وأخذوا (يَعْتَذِرُونَ)؛ أي: يقيمون

العنه ر في تخلّفهم عن تلك الغزوة (إِلَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم-، (وَيَحْلِفُونَ لَهُ) على أنهم صادقون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015