في الشيء، والمبالغة فيه، وضبطوا "الناسُ " بالرفع على أنه الفاعل، و"الجدَّ"
بالنصب على نزع الخافض، أو هو نعت لمصدر محذوف، أي: اشتدّ الناسُ
الاشتدادَ الجدَّ، وعند ابن السكن: "اشتدّ بالناس الجدُّ" برفع "الجدُّ"، وزيادة
الموحّدة، وهو الذي في رواية أحمد، ومسلم، وغيرهما، وفي رواية
الكشميهنيّ: "بالناس الجدُّ"، و"الجدُّ" على هذا فاعل، وهو مرفوع، وهي
رواية مسلم، وعند ابن مردويه: "حتى شَمَّر الناس الجدّ"، وهو يؤيد التوجيه
الأول. انتهى (?).
(فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- غَادِيًا)؛ أي: ذاهبًا وقت الغدوّ، قال الفيّوميّ -رحمه الله-:
غَدَا غُدُوًّا، من باب قعد: ذهب غُدْوُةً، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع
الشمس، وجمع الغُدْوَةِ غُدًى، مثل مُديةٍ ومُدىً، هذا أصله، ثم كَثُر، حتى
اسُتعمِل في الذهاب، والانطلاق أيِّ وقت كان، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَاغْدُ يَا
أُنَيْسَ ... "، أي: وانطلق. انتهى (?)، وقوله: (وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ) جملة في محلّ
نصب على الحال، وكذا قوله: (وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي) بفتح الجيم، وتُكسر
على قلّة، كما أسلفته؛ أي: من أُهبة سفري (شَيْئًا)، أي: كثيرًا أو قليلًا، وعند
ابن أبي شيبة، وابن جرير من وجه آخر، عن كعب: "فأخذت في جِهازي،
فأمسيت، ولم أفرغ، فقلت: أتجهز في غد". (ثُمَّ غَدَوْتُ)؛ أي: خرجت من
بيتي مبكّرًا لإعداد الجهاز، (فَرَجَعْتُ) الى بيتي (وَ) الحال أني (لَمْ أَقْضِ شَيْئًا)
من ذلك، (فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ)، أي: الغدوّ، والرجوع بلا قضاء شيء (يَتَمَادَى)؛
أي: يستمرّ (بِي، حَتَّى أَسْرَعُوا) بالسين المهملة؛ أي: أسرع النبيّ -صلي الله عليه وسلم-،
والمسلمون معه إلى الخروج، وفي رواية الكشميهنيّ: "حتى شَرُعوا" بالشين
المعجمة، وهو تصحيف. (وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ) بالفاء، والطاء المهملة؛ أي: فات،
وسبق، والفَرَط: السبق، وفي رواية ابن أبي شيبة: "حتى أمعن القومُ،
وأسرعوا، فطفقت أغدو للتجهيز، وتشغلني الرجال، فأجمعت القعود، حين
سبقني القوم"، وفي رواية أحمد من طريق عمر بن كثير، عن كعب: "فقلت:
أيهات، سار الناس ثلاثًا، فأقمت".