سيدَه: وهي لُغة عن الزّجّاج، والأخفَش، وقال أبو الهَيثَم: طَفِق، وعلِقَ،

وجَعَل، وكادَ، وكَرَب، لا بُدّ لهُنّ من صاحِب يصْحَبهنّ يوصَف بهنّ، فيرتَفِع،

ويطلُبْن الفِعْلَ المُسْتَقْبَل خاصّةً، كقولك: كادَ زيْدٌ يقول ذلك، فإن كنَيْتَ عن

الاسمِ قلت: كادَ يقول ذاك، ومنه قولُه تعالَى: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ}

[ص: 33]، أراد: طَفِق يمْسَحُ مسْحًا.

قال المرتضى: وقوله: إذا واصَلَ الفِعْلَ، قال شيخُنا: هو مِثلُ نقْلِ

الحافِظِ ابنِ حَجَرٍ في "فتح الباري": طَفِقَ يفعَل كذا: إذا شرَعَ في فِعْلٍ،

واستمرّ فيه، قلتُ: المَعروفُ في أفعال الشّروعِ هو الدّلالة على الشّروعِ فيه،

مع قطْع النّظَر عن الاستِمرار، والمُواصَلة أم لا، ولذلِك مَنَعوا خبَرَها من

دخولِ "أَنْ" عليه، لِمَا فِيها من مَعْنى الاستِقْبال، فدَلالتُها على الاستِمرار كيْفَ

يُتَصَوَّر فتأمّل.

وقال ابنُ دُرَيد: خاصٌّ بالإثباتِ، يُقال: طفِقَ يفعَلُ كذا، ولا يُقال: ما

طَفِقَ يفعلُ كذا وكذا. انتهى (?).

وقوله: (أَغْدُو)، أي: أذهب مبكّرًا، وهو خبر "طَفِقت"؛ لأنها من أفعال

الشرع التي ترفع المبتدأ اسمًا لها، وتنصب الخبر خبرًا لها، قال في

"الخلاصة":

كَأَنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو وَطَفِقْ ... كَذَا جَعَلْتُ وَأَخَذْتُ وَعَلِقْ

(لِكَئ أَتجَهَّزَ مَعَهُمْ)؛ أي: مع النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، والمسلمين، (فَأَرْجِعُ) الى بيتي

(وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا)؛ أي: لم أفعل من إعداد جهازي السفر لا كثيرًا، ولا قليلًا،

(وَأقولُ فِي نَفْسِي)؛ أي: أحدّث نفسي، فأقوله: (أنا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ)، أي:

على التجهّز لهذه الغزوة (إِذَا أَرَدْتُ)؛ أي: في أيّ وقت قصدت ذلك. (فَلَمْ

يَزَلْ ذَلِكَ)؛ أي: محادثة نفسي بذلك (يَتَمَادَى بِي)، أي: يستمرّ، ويلازمني،

وبثبّطني عن الجدّ في ذلك (حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ) بكسر الجيم، والرفع

على أنه فاعل استمرّ؛ أي: استمرّ الاجتهاد، والاهتمام بالخروج، وفي رواية

البخاريّ: "حتى اشتدّ الناسُ الجدَّ". قال في "الفتح": بكسر الجيم، وهو الجدّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015