(فَهَمَمْتُ) من باب نصر؛ أي: قصدت (أَنْ أَرْتَحِلَ)؛ أي: أذهب إلى
الغزو (فَأُدْرِكهُمْ) بالنصب عطفًا على "أرتحل"، (فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ) الارتحال،
حتى أدركهم، (ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ) بالبناء للمفعول، من التقدير؛ أي: لم يقدِّر الله
تعالى (ذَلِكَ)؛ أي: الارتحال (لِي) بل تأخرت، وتخلّفت عنهم (فَطَفِقْتُ)؛
أي: شرعت (إِذَا خَرَجْتُ) من بيتي (فِي النَّاسِ) الباقين في المدينة، (بَعْدَ خُرُوجِ
رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-) منها إلى الغزو، (يَحْزُنُنِي) بفتح حرف المضارعة، وضمّ الزاي،
مضارع حزنه، من باب نصر، أو بضمّ حرف المضارعة، وكسر الزاي، من
أحزنه، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: حَزِنَ حَزَنًا، من باب تَعِب، والاسم: الحُزْن
بالضمّ، فهو حَزِين، ويتعدى في لغة قريش بالحركة، يقال: حَزَنَنِي الأمر
يَحْزُنُنِي، من باب قَتَل، قاله ثعلب، والأزهريُّ، وفي لغة تميم بالألف، ومَثَّل
الأزهريّ بِاسم الفاعل، والمفعول، في اللغتين، على بابهما، ومنع أبو زيد
استعمال الماضي من الثلاثيّ، فقال: لا يقال: حَزَنَهُ، وإنما يستعمل المضارع
من الثلاثيّ، فيقال: يَحْزُنُهُ. انتهى (?).
وقال المجد -رحمه الله-: الحُزْنُ بالضم، وُيحَرَّكُ: الهَمُّ، جَمْعه: أحْزَانٌ، حَزِنَ
كفَرِحَ، وتَحَزَّنَ، وتَحازَنَ، واحْتَزَنَ، فهو حَزْنانٌ، ومِحْزانٌ، وحَزَنَهُ الأَمْرُ حُزْنًا
بالضم، وأحْزَنَهُ، أو أحْزَنَهُ: جَعَلَهُ حَزينًا، وحَزَنَهُ: جَعَلَ فيه حُزْنًا، فهو
مَحْزونٌ، ومُحْزَنٌ، وحَزِين، وحَزِنٌ بكسر الزاي، وضَمِّها، جَمْعه: حِزانٌ،
وحُزَناءُ. انتهى (?).
وقوله: (أَنِّي لَا أَرَى لِي أُسْوَةً) في تأويل المصدر فاعل "يحزنني"، أي:
يحزنني عدم رؤية من يكون لي أسوة، بضمّ الهمزة، وكسرها؛ أي: قُدوةً
أقتدي به، (إِلّا رَجُلًا مَغْمُوصًا) بالغين المعجمة، والصاد المهملة؛ أي: مطعونًا
(عَلَيْهِ فِي) دينه، متّهمًا بـ (النِّفَاقِ) وقيل: معنى "مغموصًا": مُستحقَرًا، تقول:
غمصت فلانًا: إذا استحقرته، وكذلك أغمصته، قاله العينيّ -رحمه الله-، وقال
القرطبئ -رحمه الله-: المغموص: المَعيب المتّهم المحتقَر. (أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ
مِنَ الضّعَفَاءِ)؛ أي: في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى