بعض الميثاق لَمّا تبايعنا على الإسلام والجهاد، (وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا)؛ أي:
بدل العقبة، فالباء بمعنى بدل، كما قال في "الخلاصة":
وَ"مِنْ" وَ"بَاءٌ" يُفْهِمَانِ بَدَلَا ......................
(مَشْهَدَ بَدْرِ)؛ أي: شهود غزوه، فالمشهد كالْمَحْضَر وزنًا ومعنًى (?).
(وَإنْ كَانَتْ بَدْرٌ أًذْكَرَ)؛ أي: أعظم ذِكرًا، وأشهر بالفضيلة (فِي النَّاسِ)؛ أي:
بينهم، (مِنْهَا)؛ أي: من العقبة، وفي رواية: "وإن كانت بدر أكثر ذكرًا في
الناس منها"، ووقع في رواية لأحمد بلفظ: "ولَعَمْري إن أشرف مشاهد
رسول الله -صلي الله عليه وسلم- لبدرٌ".
قاله كعب -رضي الله عنه-: (وَكَانَ) وفي نسخة: "فكان" (مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ
عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوةِ تَبُوكَ، أَنِّي لَمْ كُنْ قَطُّ أَقْوَى)؛ أي: أشدّ قوّةً (وَلَا
أَيْسَرَ)؛ أي: أكثر يُسرًا (مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ)؛ أي: تأخّرت (عَنْهُ) -صلى الله عليه وسلم- (فِي تِلْكَ
الْغَزْوة)؛ أي: غزوة تبوك، (والله مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ)؛ أي: لم يجتمع
لي فيما مضى من الوقت راحلتان، (حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوةِ)؛ أي: حتى
تيسّر لي جَمْعهما في غزوة تبوك.
وزاد في رواية ابن أخي الزهريّ الآتية: "فكان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قلّما يريد
غزوة إلا ورّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة"، ولفظ البخاريّ: "ولم يكن
رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يريد غزوة إلا وَرَّى بغيرها"؛ أي: أوْهَم غيرها، والتورية أن
يذكر لفظًا يَحْتَمِل معنيين، أحدهما أقرب من الآخر، فيوهم إرادة القريب، وهو
يريد البعيد، وزاد أبو داود من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهريّ:
"وكان يقول: الحرب خدعة". وزاد في رواية من طريق يونس، عن الزهريّ:
"وقَلّما كان يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس"، وللنسائيّ من طريق ابن
وهب، عن يونس: "في سفر جهاد، ولا غيره"، وله من وجه آخر: "وخرج في
غزوة تبوك يوم الخميس" (?).
(فَغَزَاهَا)، أي: غزوة تبوك، (رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ)، أي: في
وقت اشتداد الحرّ، (وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا) إذ بين تبوك وبين المدينة أربع عشرة