وكانت غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة، في رجب منها (?).

(غَيْرَ أنِّي قَدْ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْور بَدْرٍ)؛ أي: لم أشهدها، (وَلَمْ يُعَاتِبْ)؛

أي: لم يعاتب النبيّ -صلي الله عليه وسلم- (أَحَدًا) وَيحْتَمِل أن يكون الفاعل ضمير الله -عز وجل-،

ويؤيّده ما وقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "ولم يعاتب الله أحدًا".

وقال في "العمدة": قوله: "ولم يُعاتِب أحدًا"؛ أي: لم يعاتب الله أحدًا،

وُيروَى: "لم يُعَاتَبْ" على صيغة المجهول، و"أحد" بالرفع نائب فاعله (?).

(تَخَلَّفَ عَنْهُ)؛ أي. عن غزوة بدر، ولفظ البخاريّ: "عنها"؛ أي: عن

الغزوة، ثم بيّن سبب عدم المعاتبة، فقال: (إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-)؛ أي:

إلي بدر، (وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشِ) بكسر العين، وسكون التحتانيّة:

الإبل تَحْمِل الْمِيرة، ثم غلب على كلّ قافَلة (?)؟ يعني: أنهم أرادوا أن يأخذوا

عِير قريش التي أقبلت من الشام، وهي محملّة بضائع التجارات. (حَتَّى جَمَعَ اللهُ

بَيْنَهمْ)؛ أي: بين النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، والمسلمين (وَبَيْنَ عَدُوِّهُمْ)؛ أي: مشركي قريش،

(عَقى غَيْرِ مِيعَادٍ) بكسر الميم: وقت الوعد، أو موضعه؛ يعني: دون أن يكون

بيز، المسلمين والمشركين مواعدة للقتال في وقت، أو مكان معيّن. (وَلَقَدْ

شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ) أراد به أنه وإن لم يتشرّف بحضوره غزوة

بدر-، إلا أنه تشرّف بحضور ليلة العقبة التي بايع الأنصار فيها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-

علي مؤازرته، والدفاع عنه، فأبدله الله تعالى عن نعمة الحضور في غزوة بدر

بنعمة أخرى، وهي شهوده ليلة العقبة (?).

وقال النوويّ -رحمه الله-: ليلة العقبة هي الليلة التي بايع الأنصار فيها النبيّ -صلي الله عليه وسلم-

علي الإسلام، وأن يُؤْووه، وينصروه، والعقبة التي في طرف مِنى التي تضاف

إليها الجمرة، وكانت البيعة بها مرّتين في سنتين، فيّ السنة الأولى كانوا اثني

عشر، وفي الثانية كانوا سبعين، كلّهم من الأنصار -رضي الله عنهم-. انتهى (5).

(حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلَامِ) بثاء مثلثة، وقاف؛ أي: أخذ بعضنا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015