واسمه: عمرو السَّلَميّ المدنيّ الشاعر، صاحب النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، وهو أحد الثلاثة
الذين تاب الله عليهم، وأنزل فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الآية [التوبة:
118]. (يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ)؛ أي: زمان تخلّفه (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- فِي
غَزْور تَبُوكَ) الجارّان متعلّقان بـ "تخلّف"، وفي رواية البخاريّ: "حين تخلّف عن
قصة تبوك"، وعليه فـ "عن قصّة" متعلق بقوله: "يُحَدّث".
(قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ) -رضي الله عنه-: (لَمْ أتَخَلَّفْ)، أي: لم أتأخّر (عَنْ
رَسُولِ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ)، أي: في أيّ وقت مضى، يقال: ما فعلت
ذلك قَطُّ؛ أي: في الزمان الماضي، بضمّ الطاء مشدّدة، قال الفيّوميّ (?).
وقال في "القاموس" ؤ"شرحه": وإِذا أَرَدْتَ بقَطّ الزَّمَانَ فمُرْتَفِعٌ أَبدًا، غير
مُنَوَّن تقول: ما رَأَيْتُ مثلَه قَطُّ؛ لأَنَّة مثلُ قَبْلُ، وبَعْدُ، فإِنْ قَلَّلَت بقَطْ فاجْزِمْها،
ما عِنْدَكَ إلَّا هذا قَطْ، فإِن لَقِيَتْه أَلِفُ وَصْلٍ كَسَرْتَ، تقول: مَا عَلِمْتُ إلّا هذا
قَطِ اليَوْمَ، وما فَعَلْت هذا قَطْ مَجْزُومَ الطّاء، ولا قَطُّ مُشَدَّدًا مضمومَ الطّاءِ، أَو
يُقَال: قَطّ يا هذا مُثَلَّثَهَ الطّاءِ، مُشَدَّدَة، ومَضْمُومَةَ الطّاءِ مُخَفَّفَة، ومَرْفُوعَةً،
ونصُّ اللِّحْيَانِئ في "النَّوَادِرِ": وما زالَ هذا مُذْ قُطُّ يا فَتَى بضَمِّ القافِ والتَّثْقِيل،
وتَخْتَص بالنَّفْيِ ماضِيًا، وتَقُولُ العَامَّةُ: لا أَفْعَلُه قَطُّ، وإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ في
المُسْتَقْبَلِ عَوْضُ.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال، والصحيح أن استعمال "قط" في
المثبَت لغة فصيحة، فقد وقع بعد المثبت في مَواضِعَ من "صحِيح البُخارِيِّ" مِنْها
في "باب صلاةِ الكُسُوفِ": "أَطْوَلُ صلاةٍ صَلَّيْتَها قَطُّ"، وفي "سُنَن أَبِي دَاوُدَ":
"تَوَضَّأَ ثَلاثًا قَطْ"، وأثْبَتَه ابنُ مالِكٍ لغةً، وحَقَّقَ بَحثَه في "التَّوْضِيحِ على مُشْكِلاتِ
الصَّحِيح" قال: وهي مِمّا خَفِيَ على كَثيرٍ من النُّحاةِ. انتهى بتصرّف (?).
(إِلَّا فِي غَزْوةِ تَبُوكَ) زاد أحمد من رواية معمر: "وهي آخر غزوة غزاها"،
وهذه الزيادة رواها موسى بن عقبة، عن ابن شهاب بغير إسناد، ومثله في
زيادات المغازي ليونس بن بُكير، من مرسل الحسن، قاله في "الفتح" (?).