هنا: المناجاة التي تقع من الرب -سبحانة وتعالي- يوم القيامة مع المؤمنين، وقال
الكرمانيّ: أطلق على ذلك النجوى؛ لمقابلة مخاطبة الكفار على رؤوس
الأشهاد هناك. انتهى (?).
(قَالَ) ابن عمر -رضي الله عنهما-: (سَمِعْتُهُ)؛ أي: رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، (يَقُولُ: "يُدْنَى)
بالبناء للمفعول، (الْمُؤْمِنُ) وفي رواية للبخاريّ: "يُدنى أحدكم من ربّه"، (يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ -عز وجل-)؛ أي: دُنُوًّا يليق بجلاله، فالله -سبحانة وتعالي- يُدني إليه من يشاء من
عباده إذا شاء، كيف شاء، فنؤمن بصفة الدنوّ على مراد الله، كما يليق بجلاله،
وذلك كما نؤمن بأن المؤمنين يرونه -سبحانة وتعالي- في الآخرة رؤية حقيقيّة، دون أن نعلم
كيفيّتها، فتأويل الشرّاح؛ كالحافظ، والنوويّ، والقاضي عياض، وغيرهم الدنوّ
هنا ليس مما ينبغي، فكما يثبتون الرؤبة على حقيقتها، دون تأويل، ولا
تكييف، ولا تشبيه، فكذلك الدنوّ هنا دون أيّ فرق، فتنبّه، فإن هذا مما حادت
فيه الأفهام، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ) -بفتح الكاف، والنون، بعدها فاء-؛ أي: جانبه،
والكنف أيضًا السِّتر، وهو المراد هنا، والأول مجاز في حقّ الله تعالى، كما
يقال: فلان في كنف فلان؛ أي: في حمايته، وكلاءته، وذكر عياض أن
بعضهم صحّفه تصحيفًا شنيعًا، فقال بالمثناة بدل النون، ويؤيد الرواية الصحيحة
أنه وقع في رواية سعيد بن جبير بلفظ: "يجعله في حجابه"، زاد في رواية
همام: "وسِتره"، قاله في "الفتح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: والأول -يعني: تفسيره بالجانب-
مجاز في حقّ الله تعالى كما يقال: فلان في كَنَف فلان؛ أي: في حمايته
وكَلاءته، فيه نظرٌ من وجهين:
[الأول]: أن المراد هنا بالكنف هو الحجاب والستر؛ لكونه جاء في
الرواية الأخرى بهذا اللفظ، كما سبق بيانه آنفًا، والرواية يفسّر بعضها بعضًا،
وأخرج الحديث البخاريّ في كتابه "خلق أفعال العباد" من طريق عبد الله بن
المبارك، عن محمد بن سواء، عن قتادة، ثم قال في آخر الحديث: قال