عبد الله بن المبارك: كَثَفه: سِتره. قاله في "الفتح" (?)،
[والثاني]: أنه قال في "القاموس": أنت في كَنَف الله تعالى مُحَرَّكَةً: في
حِرْزه وسِتْره، وهو الجانب، والظلّ، والناحية. انتهى (?).
فإذا ثبت لغةً إطلاق الكنف على الجانب، فالحقّ إبقاؤه على ظاهره
وحقيقته؛ إذ لا حاجة إلى المجاز، كسائر الصفات من السمع، والبصر،
والكلام، والرضا، والغضب، والاستواء، والنّزول، ونحوها مما وردت به
النصّوص الصحيحة، فنثبتها كلها على الوجه اللائق به-سبحانة وتعالي- من غير تعطيل، ولا
تحريف، ومن غير تمثيل، ولا تكييف، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: الحكمة في وضع الكنف عليه: سَتره عن أهل الموقف حتى لا
يطّلع على سرّه غيره. والله تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: قال في "الفتح": ومن رواه "كتفه" بالمثنّاة المكسورة، فقد
صحّف على ما جزم به جَمْع من العلماء. انتهى (?).
(فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ)؛ أي: يحمله على أن يعترف بها، ويقرّرها على نفسه،
وقد فسّر التقرير بقوله: (فَيَقُولُ) الله -عز وجل-: (هَلْ تَعْرِفُ؟ ) هكذا في هذه الرواية
بحذف المفعول، وقد فُسّر في رواية البخاريّ، ولفظه: "فيقول: أتعرف ذنب
كذا وكذا؟ " زاد في رواية: "فيقرره بذنوبه"، وفي رواية سعيد بن جبير: "فيقول
له: اقرأ صحيفتك، فيقرأ، ويُقرّره بذنب ذنب، ويقول: أتعرف، أتعرف؟ "،
وفي رواية للبخاريّ: "فيقول: عَمِلت كذا وكذا". (فَيَقُولُ) المؤمن: (أَيْ رَبِّ)
"أي حرف نداء، وقد مرّ الخلاف، هل للقريب، أم للبعيد، أم للوسط؟ وهنا
للقريب، كما يدلّ عليه سياق الحديث. (أَعْرِفُ) ذلك الذنب، (قَالَ) الله -عز وجل-:
(فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا) حيث لم أطلع عليها أحدًا من الناس، (وإِنِّي