وَالنَّصَارَى"، ورواه الطبرانيّ في "الكبير"، والحاكم في "الكنى" عن أبي

موسى، ولفظه: "إذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى إلى كل مؤمن ملَكًا معه

كافر، فيقول الملك للمؤمن: يا مؤمن هاك هذا الكافر، فهذا فداؤك من

النار".

وقال في "المشارق": "هذا فكاكك" بفتح الفاء؛ أي: خلاصك منها،

ومعافاتك، ومنه فَكاك الرقبة، تخليصها من الرّقّ، وفكاك الرهن تخليصه من

عُهدة الارتهان، وإطلاقه لربه، "وفُكّوا العاني"؛ أي: افْدُوا الأسيرَ، وخلّصوه

من الأَسْرِ. انتهى (?).

وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: فَكَكْتُ الرهنَ: خَلّصته، والاسم: الفِكَاكُ بالفتح،

والكسر لغةٌ حكاها ابن السِّكِّيت، ومَنَعها الأصمعيّ، والفراء، وفَكَكْتُ الأسيرَ،

والعبدَ: إذا خَلّصته من الإسار، والرقّ. انتهى (?).

وقال التوربشتيّ -رحمه الله-: فِكاكُ الرهن -بفتح الفاء- ما يُفَكّ به، ويُخَلّص،

والكسر لغة فيه، قال القاضي -رحمه الله-: لمّا كان لكل مكلَّف مقعد من الجنة،

ومقعد من النار، فمن آمن حقّ الإيمان بُدّل مقعده من النار بمقعد من الجنة،

ومن لم يؤمن فبالعكس، كانت الكفرة كالخلف للمؤمنين في مقاعدهم من

النار، والنائب منابهم فيها، وأيضًا لَمّا سبق القَسَم الإلهيّ بملء جهنم كان

ملؤها من الكفار خلاصًا للمؤمنين، ونجاةً لهم من النار، فهم في ذلك

للمؤمنين كالفداء، والفكاك، ولعل تخصيص اليهود والنصارى بالذكر؛

لاشتهارهما بمضادة المسلمين، ومقابلتهما إياهم في تصديق الرسول المقتضي

لنجاتهم. انتهى (?).

وقيل: عَبّر عن ذلك بالفكاك تارةً، وبالفداء أخرى، على وجه المجاز

والاتساع؛ إذ لم يُرِد به تعذيب الكتابيّ بذنب المسلم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]، والله تعالى أعلم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015