مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- هذا من أفراد
المصنّف -رحمه الله-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [8/ 6985 و 6986 و 6987 و 6988] (2767)،
و(أحمد) في "مسنده" (4/ 391 و 398 و 402 و 407 و 408 و 409 و 410)،
و(الطيالسيّ) في "مسنده" (499)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (537)، و (ابن
حبّان) في "صحيحه" (630)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد اهل السُّنَّة" (6/
1066)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في أقوال العلماء في معنى حديث الباب:
قال النوويّ -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم القيامة دفع الله تعالى إلى كل
مسلم يهوديًّا، أو نصرانيًّا، فيقول هذا فكاكك من النار"، وفي رواية: "لا
يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديًّا، أو نصرانيًّا"، وفي رواية:
"يجيء يوم القيامة ناسٌ من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها اللْه لهم،
ويَضَعها على اليهود والنصارى".
"الفِكاك" بفتح الفاء، وكسرها، والفتح أفصح، وأشهر، وهو الخلاص،
والفداء، ومعنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: لكل أحد
منزل في الجنة، ومنزل في النار، فالمؤمن أذا دخل الجنة خَلَفه الكافر في
النار، لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى فكاكك من النار أنك كنت مُعرَّضًا
لدخول النار، وهذا فكاكك؛ لأن الله تعالى قدّر لها عددًا يملؤها، فإذا دخلها
الكفار بكفرهم وذنوبهم، صاروا في معنى الفكاك للمسلمين.
وأما رواية: "يجيء يوم القيامة ناسٌ من المسلمين بذنوب" فمعناه: أن الله
تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين، ويُسقطها عنهم، ويضع على اليهود
والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم، فيدخلهم النار بأعمالهم، لا بذنوب
المسلمين، ولا بد من هذا التأويل؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}،
وقوله: "ويضعها" مجاز، والمراد: يضع عليهم مثلها بذنوبهم، كما ذكرناه،
لكن لمّا أسقط -سبحانة وتعالي- عن المسلمين سيئاتهم، وأبقى على الكفار سيئاتهم، صاروا