من ذلك. انتهى (?).

(ثُمَّ سَأَل عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ، فَدُلَّ) بالبناء للمفعول أيضًا، (عَلَى رَجُلٍ

عَالِمٍ، فَقَالَ) الرجل القاتل للعالم: (إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ )؛

أي: صحيحة، (فَقَالَ) ذلك العالمْ (نَعَمْ) لك توبة صحيحة، (وَمَنْ) استفهاميّة،

والاستفهام للإنكار؛ أي: لا أَحَدَ (يَحُولُ)؛ أي: يمنع، ويحجُز (بَيْنَهُ)؛ أي:

بين القاتل، وقد سبق أنه فيه التفاتًا؛ أي: بينك (وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ )؛ يعني: أن

التوبة مفتوح بابها، فبادِر إليها، ثم أرشده إلى ما يُعينه عليها، بقوله: (انْطَلِقْ)؛

أي: اذهب من أرضك هذه التي ارتكبت فيها هذه الجرائم الشنيعة الفظيعة (إِلَى

أَرْضِ كَذَا وَكَذَا) لأرض سمّاها له، وقع تسمية القريتين في حديث عبد الله بن

عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، مرفوعًا في "المعجم الكبير" للطبرانيّ، قال فيه: إن اسم

القرية الصالحة: نصرة، واسم القرية الأخرى: كفرة، قاله في "الفتح" (?).

ثم ذكر سبب أمْره له بالانطلاق إليها بالفاء التعليليّة، فقال: (فَإِن بِهَا)؛

أي: لأن بتلك الأرض (أُنَاسًا) قال الفيّوميّ -رحمه الله-: "الأناسُ" قيل: فُعالٌ بِضَمّ

الفَاءِ، مُشْتَقُ مِنَ الأُنِس، لكن يجوزُ حذف الهمزة تخفيفًا على غير قياس،

فيبقى النَّاسَ، وعنِ الكسائيّ أن الأُنَاسَ، والنَّاسَ لُغَتانِ بمِعَنْىً واحد، وليس

أحدهما مشتقًّا من الآخر، وهو الوجهُ، لأنهما مادَّتَانِ مُخْتلِفَتانِ في الاشْتِقَاق،

والحذف تَغْيِيرٌ، وهو خِلافٌ الأَصْلِ. انتهى (?).

(يَعْبُدُونَ اللهَ) -عز وجل-- (فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ) حتى تلحق بهم؛ لأن الله تعالى يقول

فيهم: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"، (وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ) ثم بيّن له

سبب نهيه عن الرجوع إليها بما قرنها بالفاء التعليليّة، فقال: (فَإِنَّهَا)؟ أي: لأن

أرضك (أَرْضُ سَوْءٍ) بفتح السين المهملة، وسكون الواو؛ أي: قبيحة تُغري

على الفساد؛ لسوء سُكّانها، أو لغير ذلك. (فَانْطَلَقَ) الرجل قاصدًا تلك

الأرض، (حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ)، أي: بلغ نصفه، يقال: نصفتُ الشيءَ

نَصْفًا، من باب قتل: بلغتُ نصفه، وكلُّ شيء بلغ نصف شيءقيل: نصَفَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015