({ذَلِكَ})؛ أي: ما ذُكر من قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} الآيات،
({ذِكْرَى}) عظة ({لِلذَّاكِرِينَ})؛ أي: المتعظين، وقال القرطبيّ: أي: تَذَكُّرٌ لمن
تذكّر، واتعاظ لمن اتعظ. انتهى.
وقال القرطبيّ -رحمه الله- أيضًا: قوله: "فدعاه، فتلا عليه هذه الآية" إنما دعاه
النبيّ -صلي الله عليه وسلم- بعد انصرافه عنه؛ لأن الله تعالى أنزل الآية بعد انصرافه بسبب سؤال
الرجل المذكور، كما جاء نصًّا في رواية أخرى: "أن رجلًا أصاب من امرأة
قبلة، فأتى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، قال: فنزلت الآية"، فتبيّن أن الآية نزلت
بسبب ذلك الرجل.
وإقامة الصلاة: القيام بفعلها على سُنَّتها، والمثابرة عليها، وطرفا النهار:
هما الصبح والعصر، وقيل: الظهر والعصر، وقيل: العشاء، والمغرب، وزُلَفًا
من الليل: بفتح اللام على قراءة الجماعة، وهي الساعات المتقاربة، جمع
زُلفة، وهي القربة والمنزلة، وقرأها يزيد بضمّ اللام، وابن محيصن بسكونها،
والمراد: المغرب والعشاء. انتهى (?).
(فَقَالَ رَجُل مِنَ الْقَوْمِ) قيل: هو أبو اليسر، وقيل: معاذ، وقيل: عمر. (يَا
نَبِئ اللهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: "بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً") قال النوويّ -رحمه الله-: هكذا تستعمل
"كافّة" حالًا؛ أي: كلهم، ولا يضاف، فلا يقال: كافة الناس، ولا الكافة
بالألف واللام، وهو معدود في تصحيف العوامّ، ومَن أشبههم. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: وجاء الناس كَافَّةً قيل: منصوب على الحال، نصبًا
لازمًا، لا يستعمل إلا كذلك، وعليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً
لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]؛ أي: إلا للناس جميعًا، وقال الفراء في "كتاب معاني
القرآن": نُصبت؛ لأنها في مذهب المصدر، ولذلك لم تُدخل العرب فيها
الألف واللام؛ لأنها آخر لكلام مع معنى المصدر، وهي في مذهب قولك:
قاموا معًا، وقاموا جميعًا، فلا يُدخلون الألف واللام على معًا، وجميعًا، إذا
كانت بمعناها أيضًا، وقال الأزهريّ أيضًا: كَافّةً منصوب على الحال، وهو
مصدر على فاعلة، كالعافية، والعاقبة، ولا يُجمع، كما لو قلت: قاتلوا