(وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا) "ما" موصوله؛ أي: أصبت منها ما

يجاوز المسّ؛ أي: المجامعة، (فَأَنَا هَذَا)؛ أي: أنا موجود، وحاضر بين

يديك، ومنقاد لحكمك.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "ما دون أن أمسّها"؛ أي: لم أجامعها، وقد

قال في رواية أخرى: إن الذي أصاب منها قبلةٌ قبَّلها، وإياها عنى في الرواية

الأخرى بقوله: "أصبت حدًّا"، وَيحْتَمِل أن يكون معناه: أصبت منها شيئًا

ممنوعًا؛ لأن الحدّ في أصله هو المنع، وَيحْتَمِل أنه ظن أن في ذلك حدًّا، فأطلق

عليه ذلك، وهو الظاهر من قوله: "أصبت حدًّا، فأقم عليّ كتاب الله". انتهى (?).

(فَاقْضِ فِيَّ)؛ أي: فاحكم في حقي (مَا شِئْتَ)؛ أي: الذي أردت أن

تقضيه، مما يجب عليّ، وهو كناية عن غاية التسليم، والانقياد إلى حكم الله

تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ) بن الخطّاب -رضي الله عنه-: (لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ) حيث

لم يعلم أحد من الناس بما فعلته، (لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ)؛ أي: لكان حسنًا.

(قَالَ) ابن مسعود: (فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا)؛ أي: لم يردّ -صلى الله عليه وسلم- على الرجل، بل

سكت؛ انتظارًا لقضاء الله تعالى فيه؛ رجاءَ أن يخفف من عقوبته. (فَقَامَ

الرَّجُلُ)؛ أي: من مجلس النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، (فَانْطَلَقَ)؛ أي: ذهب إلى حاجته؛ ظنًّا

منه؛ لسكوته -صلى الله عليه وسلم- أن الله سينزل فيه شيئًا، وأنه لا بدّ أن يبلغه، فإن كان عفوًا

شكر، وإلا عاد؛ ليُستَوفَى منه. (فَأَتبَعَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) بقطع الهمزة، من الإتباع؛

أي: أرسل وراءه (رَجُلًا) لم يُعرف الرجل، وقوله: (دَعَاهُ) جملة في محلّ

نصب صفة "رجلًا"، وفي بعض النسخ: "فدعاه"، (وَتَلَا) وفي بعض النسخ:

"فتلا"؛ أي: قرأ النبيّ -صلي الله عليه وسلم- (عَلَيْهِ)؛ أي: على ذلك الرجل (هَذِهِ الآيَةَ) وهي

قوله: ({وَأَقِمِ الصَّلَاةَ})؛ أي: المفروضة، ({طَرَفَيِ النَّهَار}) ظرف لـ"أقم"؛

أي: الغداة، والعشيّ؛ أي: الصبح، والظهر، والعصر، {وَزُلَفًا} جمع زلفة؛

أي: طائفة، وهو عطف على {طَرَفَيِ}، فينتصب على الظرفية؛ إذ المراد به

ساعات الليل القريبة من النهار، وقوله: ({مِنَ اللَّيْلِ})؛ أي: المغرب والعشاء،

({إِنَّ الْحَسَنَاتِ}) كالصلوات الخمس، ({يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات})؛ أي: يمحونهنّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015