عمر -رضي الله عنه-، فذكرت له ذلك، فقال: استُر على نفسك، وتُبْ، ولا تخبر أحدًا،
فلم أصبر، فأتيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: أخَلَفْت غازيًا في
سبيل الله في أهله بمثل هذا؟ حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلى تلك الساعة،
حتى ظن أنه من أهل النار، قال: فأطرق رسول الله -صلي الله عليه وسلم- طويلًا حتى أوحى الله
تعالى إليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}، قال أبو اليسر: فأتيته، فقرأها عليّ
رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، فقال أصحابه: يا رسول الله ألهذا خاصّة أم للناس عامّة؟ قال:
"لا بل للناس عامّة"، ثم قال: هذا حديث حسن غريب.
وقال الذهبيّ: أبو اليسر كعب بن عمرو السَّلَميّ بدريّ.
(أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ) لم يُعرف اسمها، إلا أن في رواية أنها من الأنصار،
والجارّ والجرور حال مقدّم من قوله: (قُبْلَةً) بضمّ القاف، وسكون الموحّدة:
اسم من قبّلت الولد تقبيلًا، والجمع قُبَلٌ، مثلُ غُرْفة وغُرَف (?)؛ أي: قبّلها من
مجامعة.
(فَأتَى) الرجل (النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-) بعد أن ندم على فعله، وعزم على تلافي حاله؛
عملًا بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} الآية [النساء: 64]،
(فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ)؛ أي: إصابته من امرأة قبلةً، وفي رواية معتمر بن سليمان، عن
أبيه التالية: "فذكر أنه أصاب من امرأة قبلةً، أو مسًّا بيد، أو شيئًا، كأنه يسأل
عن كفارة ذلك"، وعند عبد الرزاق عن معمر، عن سليمان التيميّ بإسناده:
"ضَرَب رجل على كَفَل امرأة ... " الحديث، وفي رواية علقمة والأسود، عن
ابن مسعود: "جاء رجل إلى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله إني وجدت امرأة
في بستان، ففعلت بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبلتها، ولزمتها، فافعل
بي ما شئت ... " الحديث، وللطبريّ من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعيّ:
"قال: جاء فلان ابن معتب الأنصاريّ، فقال: يا رسول الله دخلت على امرأة،
ففعلت منها ما ينال الرجل من أهله، إلا أني لم أجامعها ... " الحديث،
وأخرجه ابن أبي خيثمة، لكن قال: "إن رجلًا من الأنصار، يقال له: معتب".