الإحسان، وبيَّن أنه لا يؤاخذ عبيده بما ارتكبوه حتى يعذر إليهم المرة بعد
الأخرى، ولأجل ذلك أرسل رسله، وأنزل كُتُبه؛ إعذارًا وإنذارًا، وهذا غاية
المجد والإحسان، ونهاية الكمال والامتنان، فهو لا يُسرع بإيقاع العقوبة من
غير إعذار منه، ومن غير قبول للعذر ممن اعتذر إليه، وفيه دلالة على
كرم الله -سبحانة وتعالي-، وقبوله عُذْر عباده، فقد بَسَط عُذْرهم، ودلَّهم على موضع التملق
له، وعرّفهم أنه يُقِيل عثراتهم، ويعفو عن زلاتهم، ويتجاوز عن سقطاتهم.
انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله، ولله الحمد
والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:
[6969 و 6970] (2761 و 2762) - (حَدَّثَنَا عَمْرٌ والنَّاقِدُ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى:
وَحَدَّثَنى أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ
الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ".
قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ
أَيِ بَكْرٍ حَدَّثَتْهُ، أنَهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- بيَقُولُ: "لَيْسَ شَيءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ -عز وجل-").
رجال هذين الإسنادين: ثمانية:
1 - (عَمْرٌ والنَّاقِدُ) ابن محمد بن بُكير البغداديّ، تقدّم قريبًا.
2 - (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ) البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
3 - (حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ) ميسرة، أو سالم الصوّاف، أبو الصَّلْت الْكِنْديّ
مولاهم البصريّ، ثقةٌ حافظٌ [6] (ت 243) (ع) تقدم في "الإيمان" 52/ 318.
4 - (يَحْيَى) بن أبي كثير صالح بن المتوكّل الطائيّ مولاهم، أبو نصر
اليماميّ، ثقةٌ ثبتٌ، لكنه يدلِّس، ويرسل [5] (ت 132) وقيل: قبل ذلك (ع)
تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ 2 ص 424.