يمدح غيره، لا أن المراد: يحب أن يمدحه غيره. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله النوويّ -رحمه الله- هو الصواب؛ إذ هو ظاهر
النصّ، فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.
وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "ولا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى":
حقيقة هذا مصلحة للعباد؛ لأنهم يُثنون علي -سبحانة وتعالي-، فيثيبهم، فينتفعون، وهو
سبحانه غنيّ عن العالمين، لا ينفعه مدحهم، ولا يضرّه تَرْكهم ذلك، وفيه تنبيه
على فضل الثناء عليه -سبحانة وتعالي-، وتسبيحه، وتهليله، وتحميده، وتكبيره، وسائر
الأذكار. انتهى (?).
وقوله: (وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ) قال ابن بطّال -رحمه الله-: معناه
ما ذُكر في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}
[الشورى: 25]، فالعذر في هذا الحديث: التوبة والإنابة. انتهى (?).
وقال في "العمدة": قوله: "العذر" مرفوع؛ لأنه فاعلُ "أحبّ"، قال
الكرمانيّ: المراد بالعذر: الحجة؛ لقوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا
يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)} [النساء: 165]،
وقال صاحب "التوضيح": العذر: التوبة، والإنابة. انتهى (?).
وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "أحب إليه العذر ... إلخ" قال القاضي:
يَحْتَمِل أن المراد: الاعتذار؛ أي: اعتذار العباد إليه من تقصيرهم، وتوبتهم من
معاصيهم، فيغفر لهم كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}
[الشورى: 25].
وقوله: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أنزَلَ الْكِتَابَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ")؛ أي: من أجل أنه
يحبّ العذر أنزل الكتاب، والمراد جنسه، فيشمل القرآن، والتوراة، والإنجيل،
وأرسل الرسل؛ أي: جميع المرسلين الذين أرسلهم لإرشاد الخلق إلى الحقّ.
وقال المناويّ -رحمه الله-: جمع بين محبة المدح والعذر الموجبين لكمال