(نِصْفَهُ)؛ أي: نصف رماده (فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ) وفي حديث

حذيفة: "إذا أنا مت، فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، وأوقدوا فيه نارًا، حتى إذا

أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، فامتحشت، فخذوها، فاطحنوها، ثمَّ

انظروا يومًا راحًا (?)، فاذروه في اليمّ. . ." الحديث.

وفي حديث أبي سعيد: "فإذا مت فاحرقوني: حتى إذا صرت فحمًا،

فاسحقوني - أو قال -: فاسهكوني، ثمَّ إذا كان ريح عاصف، فاذروني فيها،

فأخذ مواثيقهم على ذلك".

قال الباجيّ: وذلك على وجهين:

أحدهما: على وجه الفرار مع اعتقاده أنَّه غير فائت، كما يفرّ الرجل أمام

الأسد، مع اعتقاده أنَّه لا يفوته سَبْقًا، ولكنه يفعل نهاية ما يمكنه فعله.

والوجه الثاني: أن يفعل هذا خوفًا من الباري تعالى، وتذللًا ورجاء أن

يكون هذا سببًا إلى رحمته، ولعله كان مشروعًا في ملته. انتهى (?).

(فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيْهِ) بتخفيف الدال، وتشديدها، من القَدْر، بمعنى

التضييق، أو بمعنى القضاء، لا من القدرة والاستطاعة. (لَيُعَذِّبَنَّهُ) بنون التوكيد

المشدّدة، (عَذَابًا)؛ أي: تعذيبًا (لَا يُعَذِّبُهُ)؛ أي: ذلك العذاب، (أَحَدًا مِنَ

الْعَالَمِينَ)؛ أي: من الموحدين.

وقد استُشكل هذا الحديث؛ لأنَّ صنيع الرجل، وقوله ظاهر في الشكّ في

قدرة الله تعالى على البعث والإحياء، والشك في القَدَر كُفر، وقد قال في آخر

الحديث: "خَشْيَتك، وغفر له"، والكافر لا يخشاه، ولا يُغفر له.

واختُلف في تأويله، فقيل: إن "قدَر" بالتخفيف بمعنى ضَيّق، ومنه قوله

تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] بالتخفيف، والتشديد، وهو أحد

الأقوال في قوله تعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]، والمعنى: لئن

ضيَّق الله عليه، وناقشه في حساب.

وقيل: المعنى: لئن قَدَر عليه العذاب؛ أي: قضى، من قَدَر بالتخفيف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015