منها في خلوتها خلاف ما يظهر منها بحضرة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخاف أن يكون ذلك
من أنواع النفاق، وأراد من نفسه أن يستديم تلك الحالة التي كان يجدها عند
موعظة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يشتغل عنها بشيء. انتهى (?).
(قَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه - ـ معتجّبًا من قوله: (سُبْحَانَ اللهِ) قال القاري: تعجبٌ،
أو تبرئةٌ، وتنزيهٌ، (مَا تَقُولُ؟ ) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "سبحان الله" كلمة تعجّب،
و"ما" استفهامية، وقوله: "تقول" هو المتعجَّب منه (?)، يعني: عجبت من قولك
هذا الذي حكمت فيه بالنفاق على نفسك. (قَالَ) حنظلة: (قُلْتُ: نَكُونُ)؛ أي:
جميعًا على وصف الجمعية، (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)؛ المعنى: لا عَجَب في
ذلك؛ لأنّا نكون عنده، وأتى بضمير الجمع، لأنَّ من المعلوم أنه لا بُدّ في
الحاضرين من يشابه حنظلة في ذلك، ولم يقل: نافقنا؛ لئلا يُتوهم العموم
الشامل للخصوص (?). (يُذَكَرُنَا) بالتشديد؛ أي: يَعِظنا (بِالنَّارِ)؛ أي: بعذابها
تارةً، (وَالْجَئةِ)؛ أي: بنعيمها أخرى؛ ترهيبًا، وترغيبًا، أو يذكّرنا الله
بذكرهما، أو بقربهما، (حَتَّى كَأنَّا) وفي بعض النسخ: "كأنّا" بحذف "حتى" في
الموضعين؛ أي: حتى صرنا كأنّا (رَأيَ عَيْنٍ) بالنصب؛ أي: كأنا نرى الله،
والجنة، والنار رأيَ عين، فهو مفعول مطلق بإضمار "نرى"، ورُوي بالرفع؛
أي: كأنا راؤون الجَنَّة والنار بِالْعين، على أنَّه مصدر بمعنى اسم الفاعل،
ويصحّ كونه الخبرَ؛ للمبالغة، كرجل عدل، قال القاضي: ضبطناه "رأيُ عين"
بالرفع؛ أي: كأنّا بحالِ من يراهما بعينه، قال: ويصحّ النصب على المصدر؛
أي: نراهما رأيَ عين. انتهى (?).
(فَإِذَا خَرَجْنَا)؛ أي: فارقناه على وصف التفرقة، (مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ، وَالأَوْلَادَ) با لفاء، والسين المهملة؛ أي: خالطناهم،