الكاتب". انتهى (?).
(قَالَ) حنظلة: (لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق - رضي الله عنه -، قال القاري: ولعله لما
كان مغلوبًا لَمْ يقل: لقيت أبا بكر، كما هو مقتضى الأدب (?)، وفي الترمذيّ:
"أنه مَرّ بأبي بكر، وهو يبكي". (فَقَالَ) له أبو بكر - رضي الله عنه -: (كيْفَ أَنْتَ يَا
حَنْظَلَةُ؟ ) قال القاري: سؤال عن الحال؛ أي: كيف استقامتك على ما نسمع
من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أهي مجوَّدة، أم لا؟ (?)، وقال الطيبيّ: "كيف" سؤال عن
الحال؛ أي: أمستقيم على الطريق أم لا؟ (?). (قَالَ) حنظلة - رضي الله عنه -: (قُلْتُ) مجيبًا
عن سؤال أبي بكر - رضي الله عنه -: (نَافَقَ حَنْظَلَةُ)؛ أي: صار منافقًا، وأراد: نفاق
العمل، لا نفاق الاعتقاد، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه تجريد؛ لأنَّ أصل الكلام:
نافقت، فجرّد من نفسه شخصًا آخر مثله، فهو يخبر عنه؛ لِمَا رأى من نفسه ما
لا يَرضَى؛ لمخالفة السر العلن، والحضور الغَيبة.
وقال الجزريّ: النفاق ضدّ الإخلاص، وأراد به في هذا الحديث: أنني
في الظاهر إذا كنت عند النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخلصت، وإذا انفردت عنه، رغبت في
الدنيا، وتركت ما كنت عليه، فكأنه نوعٌ من مخالفة الظاهر للباطن، وما كان
يرضى أن يسامح به نفسه، وكذلك كان الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين يؤاخذون أنفسهم
بأقل الأشياء.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: أنه خاف أنه منافق، حيث كان يحصل له
الخوف في مجلس النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة، والفكر، والإقبال
على الآخرة، فإذا خرج اشتغل بالزوجة، والأولاد، ومعاش الدنيا، وأصلُ
النفاق: إظهار ما يكتم خلافه من الشرّ، فخاف أن يكون ذلك نفاقًا، فأعلمهم
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه ليس بنفاق، وأنهم لا يكلَّفون الدوام على ذلك. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "نافق حنظلة" إنكار منه على نفسه لَمّا وجد