4 - (ومنها): بيان جواز سفر المرء وحده؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يضرب المثل إلا
بما يجوز، ويُحْمَل حديث النهي على الكراهة؛ جمعًا، ويظهر من هذا الحديث
حكمة النهي، قاله ابن أبي جمرة رحمه الله.
وتعقّبه الحافظ، فقال: والحصر الأول مردود، وهذه القصة تؤكد النهي.
5 - (ومنها): أن فيه تسميةَ المفازة التي ليس فيها ما يؤكل، ولا يشرب
مهلكةً.
6 - (ومنها): أن من رَكَن إلى ما سوى الله يُقطع به أحوج ما يكون إليه؛
لأن الرجل ما نام في الفلاة وحده إلا ركونًا إلى ما معه من الزاد، فلما اعتمد
على ذلك خانه، لولا أن الله لَطَف به، وأعاد عليه ضالته، قال بعضهم: من
سرّه أن لا يرى ما يسوؤه، فلا يتخذ شيئًا يخاف له فقدًا.
7 - (ومنها): أن فرح البشر وغمّهم إنما هو على ما جرى به أثر الحكمة
من العوائد، يؤخذ من ذلك أن حُزن المذكور إنما كان على ذهاب راحلته؛
لخوف الموت من أجل فَقْد زادِه، وفرحه بها إنما كان من أجل وجدانه ما
فَقَد، مما تُنسب الحياة إليه في العادة.
8 - (ومنها): بركة الاستسلام لأمر الله تعالى؛ لأن المذكور لمّا أيس من
وجدان راحلته، استسلم للموت، فمنّ الله عليه بردّ ضالته.
9 - (ومنها): ضَرْب المثل بما يصل إلى الأفهام، من الأمور المحسوسة،
والإرشاد إلى الحضّ على محاسبة النفس، واعتبار العلامات الدالة على بقاء نعمة
الإيمان، ذَكَر هذه الفوائد ابن جمرة رحمه الله (?)، ونَقَلها الحافظ في "الفتح" (?).
10 - (ومنها): ما قاله القاضي عياض رحمه الله: في قوله: "قال من شدة
الفرح. . . إلخ" فيه أن ما قاله الإنسان من قبيل هذا من دَهْش، وذهول، غير
مؤاخَذ به، وكذلك حكايته عنه على طريق علميّ، وفائدة شرعية، لا على الهزء
والمحاكاة والعيب؛ لحكاية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إياه، ولو كان منكَرًا ما حكاه. انتهى (?)،
والله تعالى أعلم.