قال الراغب - رَحِمَهُ اللهُ -: النصح: تحري فعل أو قول فيه صلاح صاحبه،
قال تعالى: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}
[الأعراف: 79]، وقال: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)} [الأعراف: 21]،
{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: 34] وهو من قولهم: نصحت له
الودّ؛ أي: أخلصته، وناصحُ العسلِ: خالصه، أو من قولهم: نصحت الجلد:
خِطته، والناصح: الخياط، والنِّصَاح: الخيط، وقوله: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}
[التحريم: 8]، فمن أحد هذين؛ إما الإخلاص؛ وإما الإحكام، ويقال:
نَصوح، ونَصاح نحو ذَهُوب وذهاب، قال:
أَحْبَبْتُ حُبّا خَالَطَتْهُ نَصَاحَةٌ
انتهى كلام الراغب - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر - رَحِمَهُ اللهُ -: اختَلَفت عبارة العلماء، وأرباب
القلوب في التوبة النصوح على ثلاثة وعشرين قولًا:
فقيل: هي التي لا عودة بعدها، كما لا يعود اللبن إلى الضرع، وروي
عن عمر، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهم -، ورَفَعه معاذ إلى
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال قتادة: النصوح: الصادقة الناصحة. وقيل: الخالصة، يقال:
نصح؛ أي: أخلص له القول. وقال الحسن: النصوح: أن يُبغض الذَّنْب الذي
أحبه، ويستغفر منه إذا ذكره. وقيل: هي التي لا يثق بقبولها، ويكون على
وجلَّ منها. وقيل: هي التي لا يحتاج معها إلى توبة. وقال الكلبيّ: التوبة
النصوح: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذَّنْب، والاطمئنان
على أنَّه لا يعود. وقال سعيد بن جبير: هي التوبة المقبولة، ولا تُقبل ما لَمْ
يكن فيها ثلاثة شروط: خوف أن لا تُقبَل، ورجاء أن تقبل، وإدمان الطاعات.
وقال سعيد بن المسيِّب: توبة تنصحون بها أنفسكم. وقال القرظيّ: يجمعها
أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، وإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان،
ومهاجرة سيّئ الخلان. وقال سفيان الثوريّ: علامة التوبة النصوح أربعة:
القلّة، والعلّة، والذلّة، والغربة. وقال الفضيل بن عياض: هو أن يكون الذَّنْب