رواه أحمد وغيره عن أنس، فمثل هذا لا يُعَدّ من كرامات الأولياء؛ لأنَّ
الكرامة من أنواع خوارق العادة. انتهى كلام القاري - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو بحث مفيدٌ،
والله تعالى أعلم.
8 - (ومنها): استدل به على جواز بيع الفضوليّ، وهو مذهب الحنفيّة،
وبعض أهل العلم، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: وتمسَّك به أصحاب أبي حنيفة وغيرهم،
ممن يجيز بيع الإنسان مال غيره، والتصرف فيه بغير إذنه، إذا أجازه المالك
بعد ذلك.
وأجاب أصحابنا بأن هذا إخبار عن شرع من قبلنا، وفي كونه شرعًا لنا
خلاف، فإن قلنا: إنا متعبدون به، فهو محمول على أنَّه استأجره في الذمّة،
ولم يسلم إليه، بل عَرَضه عليه، فلم يقبضه، فلم يتعين، ولم يَصِرْ ملكه،
فالمستأجر قد تصرف في ملك نفسه، ثم تبرع بما اجتمع منه من البقر والغنم
وغيرهما.
وتعقَّبه القاري، فقال: وفيه أن قوله: استأجره في الذِّمة غير صحيح؛ لِمَا
في الحديث التصريح بخلافه، حيث قال: استأجرت أجيرًا بفرق أرز، ولا بد
من تعيينه، وإلا فالإجارة المجهولة غير صحيحة عندهم، وكذا يَرُدّ عليه قوله:
"فعرضت عليه حقه"؛ لأنه لو فُرض أنه في الذِّمة من غير تعيين لا يسمى حقّه،
فالحق أحقّ أن يتبع. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد القاري - رَحِمَهُ اللهُ - في تعقّبه هذا، فما دلّ
عليه ظاهر الحديث من جواز التصرّف في ملك الغير بغير إذنه، إذا كان فيه
نصيحة له هو الحقّ، والله تعالى أعلم.
9 - (ومنها): ما قاله في "العمدة": وفيه الاستدلال لأبي ثور في قوله:
إن من غصب قَمْحًا، فزرعه، أن كلّ ما أخرجت الأرض من القمح فهو
لصاحب الحنطة.
وقال الخطابيّ: استَدَلّ به أحمد على أنَّ المستودَع إذا اتّجر في مال