عمل بالكلية؛ لقول كلّ منهم: إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك،
فلم يعتقد أحد منهم في عمله الإخلاص، بل أحال أمره إلى الله، فماذا لَمْ
يجزموا بالإخلاص فيه، مع كونه أحسن أعمالهم، فغيره أَولي، فيستفاد منه أن
الذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه، ويسيء الظن
بها، ويبحث عن كلّ واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه، فيفوّض أمره إلى الله،
ويعلّق الدعاء على علم الله به، فحينئذ يكون إذا دعا راجيًا للإجابة، خائفًا من
الردّ، فإن لَمْ يغلب على ظنه إخلاصه، ولو في عمل واحد، فليقف عند حدّه،
ويستحي أن يسأل بعمل ليس بخالص، قال: وإنما قالوا: ادعوا الله بصالح
أعمالكم في أول الأمر، ثم عند الدعاء لَمْ يطلقوا ذلك، ولا قال واحد منهم:
أدعوك بعملي، وإنما قال: إن كنت تعلم، ثم ذكر عمله. انتهى ملخصًا.
قال الحافظ: وكأنه لَمْ يقف على كلام المحبّ الطبريّ الذي ذكرته فهو
السابق إلى التنبيه على ما ذكر، والله أعلم. انتهى (?).
4 - (ومنها): بيان فضل العفاف، والانكفاف عن المحرمات، لا سيما
بعد القدرة عليها، والهمّ بفعلها، وترْكها لله تعالى خالصًا، وأن ترك المعصية
يمحو مقدمات طلبها، وأن التوبة تَجُبّ ما قبلها.
5 - (ومنها): بيان جواز الإجارة، وفضل حسن العهد، وأداء الأمانة،
والسماحة في المعاملة.
6 - (ومنها): بيان جواز الإجارة بالطعام المعلوم بين المتآجرين.
7 - (ومنها): بيان فضل أداء الأمانة، وإثبات الكرامة للصالحين بإجابة
دعائهم، وغيره، قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: لا خلاف في جواز استجابة الدعاء للوليّ
وغيره ما عدا الكافر، فإن فيه خلافًا، لكنه ضعيف؛ لاستجابة دعاء إبليس،
والاستدلالُ بقوله تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14] غير
صحيح؛ لأنه ورد في دعاء الكفار في النار، بخلاف الدنيا، فإنه ورد أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: "اتق دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب" (?)، على ما