وقال المناويّ -رحمه الله-: "اطلعت" بهمزة وصل، فطاء مفتوحة مشدّدة، فلام

مفتوحة؛ أي: تأملت ليلة الإسراء، أو في النوم، أو في الوحي، أو بالكشف

لعين الرأس، أو لعين القلب، لا في صلاة الكسوف، كما قيل. انتهى (?).

(أَكثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ) قال المهلّب -رحمه الله-: ليس هذا يوجب فضل الفقير على

الغنيّ، وإنما معناه: أن الفقراء في الدنيا أكثر من الأغنياء، فأخبر عن ذلك،

كما تقول: أكثر أهل الدنيا الفقراء إخبارًا عن الحال، وليس الفقر أدخلهم

الجنة، وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر، فإن الفقير إذا لم يكن صالِحًا لا

يفضل.

وتعقّبه الحافظ، فقال: ظاهر الحديث التحريض على ترك التوسع من

الدنيا، كما أن فيه تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين؛ لئلا يدخلن

النار، كما تقدم تقرير ذلك في كتاب الإيمان في حديث: "تصدقن، فإني

رأيتكن أكثر أهل النار، قيل: بم؟ قال: بكفرهنّ، قيل: يكفرن بالله؟ قال:

يكفرن الإحسان". انتهى (?).

قال المناويّ -رحمه الله-: وهذا من أقوى حجج مَن فَضّل الفقر على الغنى،

والذاهبون لمقابله أجابوا بأن الفقر ليس هو الذي أدخلهم الجنة، بل الصلاح.

انتهى (?).

(وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ)؛ أي: عليها، والمراد: نار جهنم، (فَرَأَيْتُ أَكثَرَ

أَهْلِهَا النِّسَاءَ") لأن كفران العطاء، وترك الصبر عند البلاء، وغلبة الهوى،

والميل إلى زخرف الدنيا، والإعراض عن مفاخر الآخرة فيهنّ أغلب؛ لِضَعف

عقلهنّ، وسرعة انخداعهنّ.

وعورض هذا بأن هذا في وقت كون النساء في النار، أما بعد خروجهنّ

بالشفاعة، والرحمة حتى لا يبقى فيها أحد، ممن قال: لا إله إلا الله، فالنساء

في الجنة أكثر، وحينئذ يكون لكل واحد زوجتان من نساء الدنيا، وسبعون من

الحور العين، ذكره القرطبيّ وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015