4 - (ومنها): ما قال في "الفتح": ومن جملة آداب الدعاء تحري
الأوقات الفاضلة؛ كالسجود، وعند الأذان، ومنها تقديم الوضوء، والصلاة،
واستقبال القبلة، ورفع اليدين، وتقديم التوبة، والاعتراف بالذنب،
والإخلاص، وافتتاحه بالحمد، والثناء، والصلاة على النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، والسؤال
بالأسماء الحسنى وأدلة ذلك كلّه واضحة من الكتاب والسنن الصحيحة.
وقال الكرمانيّ -رحمه الله- ما ملخصه: الذي يُتصوّر في الإجابة وعدمها أربع
صور:
الأُولى: عدم العجلة، وعدم القول المذكور، الثانية: وجودهما، الثالثة،
والرابعة: عدم أحدهما، ووجود الآخر، فدلّ الخبر على أن الإجابة تختصّ
بالصورة الأولى، دون الثلاث، قال: ودلّ الحديث على أن مطلق قوله تعالى:
{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} مقيّد بما دلّ عليه الحديث.
قال الحافظ: وقد أُوِّل الحديث المشار إليه قبلُ على أن المراد بالإجابة
ما هو أعمّ من تحصيل المطلوب بعينه، أو ما يقوم مقامه، ويزيد عليه، والله
أعلم.
(المسألة الرابعة): قد ذكر في "الفتح" في أول "كتاب الدعوات" بحثًا
جيّدًا متعلّقًا بالدعاء، وذلك أنه تكلّم على الآية التي أوردها البخاريّ -رحمه الله- في
الترجمة، وهي قول الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآية.
قال: وهذه الآية ظاهرة في ترجيح الدعاء على التفويض، وقالت طائفة:
الأفضل ترك الدعاء، والاستسلام للقضاء، وأجابوا عن الآية بأن آخرها دلّ
على أن المراد بالدعاء: العبادة؛ لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}
[غافر: 60]، واستدلّوا بحديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، قال:
"الدعاء هو العبادة"، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} الآية، أخرجه الأربعة، وصححه الترمذيّ، والحاكم.
وشذّت طائفة، فقالوا: المراد بالدعاء في الآية: ترك الذنوب، وأجاب
الجمهور أن الدعاء من أعظم العبادة، فهو كالحديث الآخر: "الحج عرفة"؛
أي: معظم الحج، ورُكْنه الأكبر، ويؤيده ما أخرجه الترمذيّ من حديث