قال ابن عبد البرّ -رحمه الله-: روينا عن مروان العجليّ أنه قال: سألت ربي

عشرين سنة في حاجة، فما قضاها حتى الآن، وأنا أدعوه فيها، ولا أيأس من

قضائها. انتهى (?).

2 - (ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي هذا الحديث أدبٌ من آداب

الدعاء، وهو أنه يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لِمَا في ذلك من

الانقياد، والاستسلام، وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنَا أشدّ

خشية أن أُحرم الدعاء، من أن أُحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن

عمر، رفعه: "من فُتح له منكم باب الدعاء، فتحت له أبواب الرحمة ... "

الحديث، أخرجه الترمذيّ بسند ليّن، وصححه الحاكم، فوَهِمَ.

وقال الداوديّ: يُخشى على من خالف، وقال: قد دعوت فلم يُستجب

لي أن يُحرم الإجابة، وما قام مقامها من الادّخار، والتكفير. انتهى.

وقد وردت أحاديث دالّة على أن دعوة المؤمن لا تردّ، وأنها إما أن

تعجِّل له الإجابة، وإما أن تَدفع عنه من السوء مثلها، وإما أن يدّخر له في

الآخرة خير مما سأل.

فأشار الداودي إلى ذلك، وإلى ذلك أشار ابن الجوزيّ بقوله: اعلم أن

دعاء المؤمن لا يردّ، غير أنه قد يكون الأَولى له تأخير الإجابة، أو يُعَوَّض بما

هو أَولى له عاجلًا، أو آجلًا، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه، فإنه

متعبَّد بالدعاء، كما هو متعبَّد بالتسليم، والتفويض. انتهى (?).

3 - (ومنها): ما قاله أبو عمر بن عبد البرّ -رحمه الله-: في هذا الحديث دليل

على تخصيص قول الله -عز وجل-: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وأن الآية

ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السُّنَّة الثابتة خَصّت منها الداعي إذا

عَجِل، فقال: قد دعوت، فلم يستجب لي، والدليل على صحة هذا التأويل

قول الله -عز وجل-: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41]، ولكن قد رُوي

عن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- في الإجابة، ومعناها ما فيه غِنًى عن قول كلّ قائلّ، وهو حديث

أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015