شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ) تقدّم أن اسمه سعد بن عُبيد، وكنيته أبو عبيد. (مَوْلَى)
عبد الرحمن (ابْنِ أَزْهَرَ) ويقال له أيضًا: مولى عبد الرحمن بن عوف، كما في
الرواية التالية؛ لأنهما ابنا عمّ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَأَهْلِ الْفِقْهِ بالمدينة. (عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-؛ (أَن رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ: "يُسْتَجَابُ) من الاستجابة، بمعنى
الإجابة، تقول العرب: استجبتك؛ أي: أجبتك، قال كعب بن الغنويّ [من
الطوبل]:
وَدَاع دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
والمعنى: أنه يُستجاب دعاء الداعي بعد استيفاء ضروط الإجابة، كما بُيّن
في الحديث الثالث: "لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم،
ما لم يستعجل".
(لأَحَدِكُمْ)؛ أي: كل واحد منكم؛ إذ اسم الجنس المضاف يفيد العموم
على الأصحّ.
(مَا) مصدريّة ظرفيّة، (لَمْ يَعْجَلْ) بفتح أوله، وثالثه، من باب تَعِب؛ أي:
مدة عدم عَجَله، وقوله: "دعوت فلم يُستجب لي" بيان، وتفسير للعجلة،
(فَيَقُولُ) بالنصب لا غير.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال في "العمدة"، والذي يظهر لي أنه
يجوز فيه أوجه الإعراب الثلاثة: الجزم إن صحّت الرواية عطفًا على "يعجل"،
والرفع على الاستئناف، والنصب بأن مضمرة بعد الفاء السببيّة، كما قال في
"الخلاصة":
وَبَعْدَ فَا جَوَاب نَفْي أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ
ونظيره قولهَ تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} بعد قوله: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}
الآية [البقرة: 284].
وإلى جواز هذه الأوجه أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:
وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إِنْ يَقْتَرِنْ ... بِالْفَا أَوِ الْوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ
فقد قرئ قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ} بالأوجه الثلاثة، والله تعالى أعلم.
(قَدْ دَعَوْتُ، فَلَا) يستجاب لي، (أَوْ) للشك من الراوي؛ أي: قال: (فَلَمْ